فصل: باب: قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ} (57) الآيَة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض الباري شرح صحيح البخاري ***


باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا جَآءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النّسْوَةِ الَّتِى قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبّى بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ‏}‏ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للَّهِ ‏(‏50- 51‏)‏

وَحاشَ وَحاشى‏:‏ تَنْزِيهٌ وَاسْتِثْنَاءٌ‏.‏ ‏{‏حَصْحَصَ‏}‏ ‏(‏51‏)‏ وَضَحَ‏.‏

4694- قوله‏:‏ ‏(‏لقد كان يأوي إلى رُكْنٍ شديدٍ‏)‏ أي فئةٍ عظيمةٍ عزيزةٍ، يعني‏:‏ جتها جسكى بناه لون وقد كان الأَحْرى بشأنِه أن يأوي إلى اللَّهِ تعالى‏.‏

4694- قوله‏:‏ ‏(‏لو لَبِثْتُ في السِّجْن ما لَبِث يوسُفُ لأَجَبْت‏)‏ أشار إلى مقامِ العبوديةِ لنَفْسه‏.‏

4694- قوله‏:‏ ‏(‏ونحن أَحَقُّ‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وقد مَرَّ شَرْحُه‏.‏ أما قوله‏:‏ ‏{‏أَوَلَمْ تُؤْمِن‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ‏(‏البقرة‏:‏ 260‏)‏، فمن باب تَلَقِّي المخاطَب بما لا يترقب‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ‏}‏ ‏(‏110‏)‏

قد مرَّ الكلامُ فيه، وقد تكلَّم ابنُ القَيِّم في «بدائع الفوائد» على أنَّ الله تعالى إذا أخبر بأَمْرٍ أنه يكون كذا، فهل يَبْقى الجانبُ المخالفُ بعده تحت قدرته تعالى أَم لا‏؟‏ فراجعه إن كان بك شَغَفٌ بمسألةِ إمكان الكذب‏.‏ ثم اعلم أنَّ نزاع مَن نازع فيه ليس في وقوع الكذب، فإِنَّهُ مُحالٌ في جَنَابه تعالى إجماعاً‏.‏ والفَرْقُ بين الامتناع بالذات، وبالغير قليلُ الجدوى‏.‏ لأنك إنْ لاحظت الغيرَ من أَوّل الأَمْر يرجعُ الامتناعُ إلى الذات، وإن لاحظته خارجاً يبقى الإِمكانُ بالنَّظر إلى الذات، فلا بد أنْ يُحرَّر الخلاف‏.‏ فأقول‏:‏ إنَّ القائلين بالإِمكان لم يريدُوا بِقَوْلهم، إلا أنَّ الله تعالى إذا أخبر بقيامِ زَيْدٍ، ولا يكون إلاَّ صادِقاً، مُطَابِقاً لما في الخارج، فهل تبقى بعد ذلك تعالى قُدْرةٌ، على تأليفِ كلامٍ بخِلافه أَم لا‏؟‏ فمنهم مَنْ قال‏:‏ إنَّ القدرةَ ثابتةٌ بالطرفين، فهو قادرٌ على تأليفِه كما كان، وإخبارُه لا يَسْلُبُ عنه القدرةَ على تأليفِ كلامٍ خِلافِه، نعم إنه لا يتكلم به، فإِنَّ الاتِّصافَ بالكَذِب مُحالٌ، وإنما الكلامُ في الفَرْض فقط، ومنهم مَن زعم أنه يَسْلُب القدرةَ عنه‏.‏ ثُم التخلُّف في الوعيد متفَقٌ عليه عند المتكلمين، لكونه مبنياً على الكَرَم، ومنبِئاً عن سخاءِ صاحبه، وإنما الكلامُ في التخلف في الوَعْد، فراجعه في كُتُب الكلام‏.‏

‏(‏فائدة‏)‏

قوله‏:‏ «إنَّ نساءك ينشدنك العَدْل»، من باب تلقي المُخَاطَب بما لا يَتآقَّب، وقول الخارجي‏:‏ «هذه قِسمةٌ لم يرد بها وَجْهُ الله»، على الحقيقة، فأَوجب الكُفْر، فتنبه له ولا تَخْلِط بين مقامٍ ومقام، فإِن عَجِزت عن التمييز، فكن من العوام ولا تقم في هذا المقام، تستريح ولا تلام، ونسأل الله حُسْنُ الخاتمة، وخير الختام‏.‏

سُورَةُ الرَّعْدِ

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏كَبَسِطِ كَفَّيْهِ‏}‏ ‏(‏14‏)‏‏:‏ مَثَلُ المُشْرِكِ الَّذِي عَبَدَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً غَيرَهُ، كَمَثَلِ العَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى خَيَالِهِ في المَاءِ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَلاَ يَقْدِرُ‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏سَخَّرَ‏}‏ ‏(‏2‏)‏ ذَلَّلَ، ‏{‏مُّتَجَوِرتٌ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ مُتَدَانِيَاتٌ‏.‏ ‏{‏الْمَثُلَتُ‏}‏ ‏(‏6‏)‏ وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهيَ الأَشْبَاهُ وَالأَمْثَالُ‏.‏ وَقالَ‏:‏ ‏{‏إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ‏}‏ ‏(‏يونس‏:‏ 102‏)‏، ‏{‏بِمِقْدَارٍ‏}‏ ‏(‏8‏)‏ بِقَدَرٍ، ‏{‏مُعَقّبَتٌ‏}‏ ‏(‏11‏)‏ مَلاَئِكَةٌ حَفَظَةٌ، تُعَقِّبُ الأُولَى مِنْهَا الأُخْرَى، وَمِنْهُ قِيلَ العَقِيبُ، يُقَالُ‏:‏ عَقَّبْتُ في إِثْرهِ‏.‏ ‏{‏الْمِحَالِ‏}‏ ‏(‏13‏)‏ العُقُوبَةُ‏.‏ ‏{‏كَبَسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَآء‏}‏ ‏(‏14‏)‏‏:‏ لِيَقْبِضَ عَلَى المَاءِ‏.‏ ‏{‏رَّابِيًا‏}‏ ‏(‏17‏)‏ مِنْ رَبَا يَرْبُو‏.‏ ‏{‏أَوْ مَتَعٍ زَبَدٌ‏}‏ ‏(‏17‏)‏‏:‏ المَتَاعُ ما تَمَتَّعْتَ بِهِ‏.‏ ‏{‏جُفَآء‏}‏ ‏(‏17‏)‏ أَجْفَأَتِ القِدْرُ، إِذَا غَلَتْ فَعَلاَهَا الزَّبَدُ، ثُمَّ تَسْكُنُ فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلاَ مَنْفَعَةٍ، فَكَذلِكَ يُمَيَّزُ الحَقُّ مِنَ البَاطِلِ‏.‏ ‏{‏الْمِهَادُ‏}‏ ‏(‏18‏)‏ الفِرَاشُ، ‏{‏يَدْرَؤُونَ‏}‏ ‏(‏22‏)‏ يَدْفَعُونَ، دَرَأْتُهُ عَنِّي دَفَعْتُهُ‏.‏ ‏{‏سَلَمٌ عَلَيْكُمْ‏}‏ ‏(‏24‏)‏ أَي يَقُولُونَ‏:‏ سَلاَمٌ عَلَيكُمْ‏.‏ ‏{‏وَإِلَيْهِ مَتَابِ‏}‏ ‏(‏30‏)‏ تَوْبَتِي‏.‏ ‏{‏أَفَلَمْ يَاْيْئَسِ‏}‏ ‏(‏31‏)‏ لَمْ يَتَبَيَّنْ‏.‏ ‏{‏قَارِعَةٌ‏}‏ ‏(‏31‏)‏ دَاهِيَةٌ‏.‏ ‏{‏فَأَمْلَيْتُ‏}‏ ‏(‏32‏)‏ أَطَلتُ، مِنَ المَلِيِّ وَالمُلاَوَةِ، وَمِنْهُ ‏{‏مَلِيّاً‏}‏ ‏(‏مريم‏:‏ 46‏)‏ وَيُقَالُ لِلوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الأَرْضِ‏:‏ مَلًى مِنَ الأَرْضِ‏.‏ ‏{‏أَشَقُّ‏}‏ ‏(‏34‏)‏ أَشَدُّ مِنَ المَشَقَّةِ‏.‏ ‏{‏مُعَقّبَ‏}‏ ‏(‏41‏)‏ مُغَيِّرٌ‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏مُّتَجَوِرتٌ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ طَيِّبُهَا، وَخَبِيثُهَا السِّبَاخُ‏.‏ ‏{‏صِنْونٌ‏}‏ ‏(‏4‏)‏‏:‏ النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ في أَصْلٍ وَاحِدٍ، ‏{‏وَغَيْرُ صِنْونٍ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ وَحْدَهَا‏.‏ ‏{‏بِمَآء وحِدٍ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ كَصَالِحِ بَنِي آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ، أَبُوهُمْ وَاحِدٌ‏.‏ ‏{‏السَّحَابَ الثّقَالَ‏}‏ ‏(‏12‏)‏ الَّذِي فِيهِ المَاءُ‏.‏ ‏{‏كَبَسِطِ كَفَّيْهِ‏}‏ ‏(‏14‏)‏‏:‏ يَدْعُو المَاءَ بِلِسَانِهِ، وَيُشِيرُ إِلَيهِ بِيَدِهِ، فَلاَ يَأْتِيهِ أَبَداً‏.‏ ‏{‏فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا‏}‏ ‏(‏17‏)‏ تَمْلأُ بَطْنَ وَادٍ‏.‏ ‏{‏زَبَدًا رَّابِيًا‏}‏ ‏(‏17‏)‏ زَبَدُ السَّيلِ‏.‏ ‏{‏زَبَدٌ مّثْلُهُ‏}‏ ‏(‏17‏)‏‏:‏ خَبَثُ الحَدِيدِ وَالحِليَةِ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الاْرْحَامُ‏}‏ ‏(‏8‏)‏

‏{‏وَغِيضَ‏}‏ ‏(‏هود‏:‏ 44‏)‏ نُقِصَ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يَنْظُر إلى خَيَالِه في الماء‏)‏ أي عَكْسه، وشَبَحه في الماء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مُعَقِّبات‏)‏ ملائكةٌ حَفَظةٌ، تَعْقُب الأُولى منها الأُخْرى‏.‏ والأولى، وإنْ كان مُقدَّماً في العبارة، لكنه يكون مُؤخراً في الخارج‏.‏ وذكر الشيخ الأكبر أنَّ المرادَ من المُعَقِّبات في قوله‏:‏ ‏{‏مُعَقّبَتٌ‏}‏ لا يَخِيب قائلهن، هي التسبيحاتُ دُبُرَ الصلوات، لا لكونِها يُسبَّح بها دُبُر الصلوات، بل لكونها حافِظةً لقارئها حين يُبْعث من قبره، فيكون اللَّهُ أَكْبر عن يمينه، وسبحانَ الله عن يَسارِه، ولا إله إلا الله قُدَّامَه، والحمد خَلْفَه‏.‏ وذلك لأنَّ الحَمْد عنده في آخِر الأُمور، كالحَمْد بعد الطعام، وكقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وآخِرُ دَعْوانا أنِ الحَمْدُ ربِّ العالمين‏}‏ ‏(‏يونس‏:‏ 10‏)‏، ومِن ههنا سُمِّيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أحمدُ، ومحمداً، لكونه آخِرَ النَّبِيِّين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الزَّبَد‏)‏ ميل وغيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مُتَجَاوِرَاتٌ‏)‏ طيبها وخَبِيثُها، أي كلاهما مُخْتلِطانِ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويُشيرُ إليه بِيَدِه، فلا يَأتِيه أَبَداً‏)‏ يعني أن الماءَ لا يأتِيه بالإِشارات فقط، ما لم يذهب إليه، ويغرِفُ منه‏.‏

سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏هَادٍ‏}‏ ‏(‏الرعد‏:‏ 7‏)‏ دَاعٍ‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏صَدِيدٍ‏}‏ ‏(‏16‏)‏ قَيحٌ وَدَمٌ‏.‏ وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ‏:‏ ‏{‏اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏}‏ ‏(‏6‏)‏‏:‏ أَيَادِيَ اللَّهِ عِنْدَكُمْ وَأَيَّامَهُ‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏مّن كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ‏}‏ ‏(‏34‏)‏‏:‏ رَغِبْتُمْ إِلَيهِ فِيهِ‏.‏ ‏{‏وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا‏}‏ ‏(‏3‏)‏ يَلتَمِسُونَ لَهَا عِوَجاً‏.‏ ‏{‏وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ‏}‏ ‏(‏7‏)‏ أَعْلَمَكُمْ، آذنَكُمْ‏.‏ ‏{‏رَدُّوا أَيدِيَهُمْ في أَفوَاهِهِمْ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ هذا مَثَلٌ‏:‏ كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ‏.‏ ‏{‏مَّقَامِى‏}‏ ‏(‏14‏)‏ حَيثُ يُقِيمُهُ اللَّهُ بَينَ يَدَيهِ‏.‏ ‏{‏مِّن وَرَآئِهِ‏}‏ ‏(‏16‏)‏ قُدَّامِهِ‏.‏ ‏{‏لَكُمْ تَبَعًا‏}‏ ‏(‏21‏)‏ وَاحِدُهَا تَابِعٌ، مِثْلُ غَيَبٍ وَغائِبٍ‏.‏ ‏{‏بِمُصْرِخِكُمْ‏}‏ ‏(‏22‏)‏ اسْتَصْرَخَنِي اسْتَغَاثَني‏.‏ ‏{‏يَسْتَصْرِخُهُ‏}‏ ‏(‏القصص‏:‏ 18‏)‏ مِنَ الصُّرَاخِ‏.‏ ‏{‏وَلاَ خِلَلٌ‏}‏ ‏(‏31‏)‏ مَصْدَرُ خالَلتُهُ خِلاَلاً، وَيَجُوزُ- أَيضاً- جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلاَلٍ‏.‏ ‏{‏اجْتُثَّتْ‏}‏ ‏(‏26‏)‏ اسْتُؤْصِلَتْ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا خِلاَل‏)‏ جمع خُلَّة، وخِلال أما قوله‏:‏ «جمع خُلّة»، فصحيحٌ، وأما قوله‏:‏ «وخِلال»، فقد جاء ذِكْره استطراداً، ومِثْله وقع كثيراً في كتابه‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَآء‏}‏تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ‏(‏24- 25‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏يُثَبّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ‏}‏ ‏(‏27‏)‏

4698- قوله‏:‏ ‏(‏ولا، ولا، ولا‏)‏ وراجع تفسيره في «الهامش»، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏تُؤْتِى أُكُلَهَا‏}‏ جُمْلَةٌ على حِدَة‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا‏}‏ ‏(‏28‏)‏

أَلَمْ تَعْلَمْ‏؟‏ كَقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ‏}‏ ‏(‏24‏)‏‏.‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 243‏)‏‏.‏ ‏{‏الْبَوَارِ‏}‏ ‏(‏28‏)‏ الهَلاَكُ، بَارَ يَبُورُ بَوْراً ‏{‏قَوْماً بُوراً‏}‏ ‏(‏الفرقان‏:‏ 18‏)‏‏:‏ هَالِكِينَ‏.‏

يريدُ المصنِّف أنَّ المعنى في كلَ من‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ‏}‏ و‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ‏}‏ سواءٌ، يعني ألم تَعْلم‏.‏

سُورَةُ الحِجْرِ

وَقال مُجَاهدٌ‏:‏ ‏{‏صِرطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ‏}‏ ‏(‏41‏)‏ الحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ وَعَلَيهِ طَرِيقُهُ‏.‏ لبِإِمَامِ مُبِينٍ‏:‏ على الطَّريقِ‏.‏ وَقَالَ ابْن عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏لَعَمْرُكَ‏}‏ ‏(‏72‏)‏ لَعَيشُكَ‏.‏ ‏{‏قَوْمٌ مُّنكَرُونَ‏}‏ ‏(‏62‏)‏ أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏كِتَبٌ مَّعْلُومٌ‏}‏ ‏(‏4‏)‏ أَجَلٌ‏.‏ ‏{‏لَّوْ مَا تَأْتِينَا‏}‏ ‏(‏7‏)‏ هَلاَّ تَأْتِينَا‏.‏ ‏{‏شِيَعٌ‏}‏ ‏(‏10‏)‏ أُمَمٌ، وَلِلأَوْلِيَاءِ أَيضَا شِيَعٌ‏.‏ وَقالَ ابْنُ عبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏يُهْرَعُونَ‏}‏ ‏(‏هود‏:‏ 78‏)‏ مُسْرِعِينَ‏.‏ ‏{‏لِلمُتَوَسِّمِينَ‏}‏ ‏(‏75‏)‏ لِلنَّاظِرِينَ‏.‏ ‏{‏سُكّرَتْ‏}‏ ‏(‏15‏)‏ غُشِّيَتْ‏.‏ ‏{‏بُرُوجًا‏}‏ ‏(‏16‏)‏ مَنَازِلَ لِلشَّمْسِ وَالقَمَرِ‏.‏ ‏{‏لَوَاقِحَ‏}‏ ‏(‏22‏)‏ مَلاَقِحَ مُلقِحَةً‏.‏ ‏{‏حَمَإٍ‏}‏ ‏(‏26‏)‏ جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ، وَهُوَ الطِّينُ المُتَغَيِّرُ، وَالمَسْنُونُ المَصْبُوبُ‏.‏ ‏{‏تَوْجَلْ‏}‏ ‏(‏53‏)‏ تَخَف‏.‏ ‏{‏دَابِرُ‏}‏ ‏(‏66‏)‏ آخِرَ‏.‏ لَبِإِمامٍ مُبِينٍ‏:‏ الإِمَامُ كُلُّ ما ائْتَمَمْتَ وَاهْتَدَيتَ بِهِ‏.‏ ‏{‏الصَّيْحَةُ‏}‏ ‏(‏83‏)‏ الهَلَكَةُ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لواقح‏)‏ بمعنى المَلاَقِح، والتخريج فيه كما في قوله‏:‏

ومختبط مما تطيح الطوائح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كالسلسلة‏)‏ يحتمل أن يكون صَوْتاً للوَحْي، أو أَجْنِحة المَلَك، وقد مَرّ مفصلاً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالوا للذين‏)‏ وينبغي الوَقْف عليه، لأنَّ صِلَته مَحْذوفةٌ، أي قال الذين هم في السماء الفَوْق للذين تحتهم‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ‏}‏ ‏(‏18‏)‏

وَحَدَّثَنَا سُفيَانُ فَقَالَ‏:‏ قالَ عَمْرٌو‏:‏ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ قالَ‏:‏ «إِذَا قَضى اللَّهُ الأَمْرَ، وَقالَ‏:‏ عَلَى فَمِ السَّاحِرِ»‏.‏ قُلتُ لِسُفيَانَ‏:‏ قالَ‏:‏ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ‏؟‏ قالَ‏:‏ نَعَمْ‏.‏ قُلتُ لِسُفيَانَ‏:‏ إِنَّ إِنْسَاناً رَوَى عَنْكَ‏:‏ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، وَيَرْفَعُهُ‏:‏ أَنَّهُ قَرَأَ «فُرِّغَ» قالَ سُفيَانُ‏:‏ هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو، فَلاَ أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لاَ، قالَ سُفيَان‏:‏ وَهيَ قِرَاءَتُنَا‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَبُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ‏}‏ ‏(‏80‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ ءاتَيْنَكَ سَبْعًا مّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءانَ الْعَظِيمَ‏}‏ ‏(‏87‏)‏

وقد ثَبَت اليوم انشقاقُ الشُّهُب، وأنها تَنْفَلق فِلْقَة فِلْقَة، فلا حاجةَ في رَمْي الشُّهُب إلى تَمحُّل، كما ذكره البَيْضاوي، فإِنَّه على ظاهرِه، كما أخبر به القُرْآن‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْءانَ عِضِينَ‏}‏ ‏(‏91‏)‏

‏{‏المُقْتَسِمِينَ‏}‏ ‏(‏90‏)‏ الَّذِينَ حَلَفُوا، وَمِنْهُ‏:‏ ‏{‏لاَ أُقْسِمُ‏}‏ ‏(‏البلد‏:‏ 1‏)‏ أَي أُقْسِمُ، وَتُقْرَأُ ‏{‏لأُقْسِمُ‏}‏ ‏{‏وَقَاسَمَهُمَآ‏}‏ ‏(‏الأعراف‏:‏ 21‏)‏ حَلَفَ لَهُمَا وَلَمْ يَحْلِفَا لَهُ‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدُ‏:‏ ‏{‏تَقَاسَمُواْ‏}‏ ‏(‏النمل‏:‏ 49‏)‏ تَحَالَفُوا‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏ ‏(‏99‏)‏

قالَ سَالِمٌ‏:‏ اليَقِينُ المَوْتُ‏.‏

أي قِطَعاً قِطَعاً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قَاسَمهُما حَلَف لهما، ولم يَحْلِفَا له‏)‏ يريدُ أنَّ المفاعَلةَ ههنا ليست للشَّرِكة، بل للتعدِيةِ فقط‏.‏

4705- قوله‏:‏ ‏(‏فآمَنُوا بِبَعْضِه‏)‏ وقد يدورُ بالبالِ أنَّ الدوران في التقليدَ بين الأئمة أيضاً يَدْخُل فيه، فإِنَّ مَثَلَه مَثَلُ مَنْ جمع بين عدد التسبيحاتِ الوارد، فجعل يقرأ أحدى الكلماتِ خَمْساً وعشرين، وأُخْراها ثلاثاً وثلاثين، ثُم زعم أنه عَمِل بكلِّها، مع أنه باطل‏.‏ لأنه أراد أن يعمل بكلَ منها، ولزِمه أن يَتْرك كُلَّها، فهكذا مَنْ جعل يَدُور في المذاهب الأربعة، فيعمل بهذا في جزء، وبهذا في جُزءٍ آخَر‏.‏ فلا أَجِد مَثَلَه إلا كَمَثَل مَنْ جمع بين عدد التسبيحات‏.‏ والسرُّ فيه أنَّ المسائلَ الاجتهادية قد تُبْنى على أصولٍ متعارِضة بين الأئمةِ، ومَنْ لا خبرةَ له بتلك الأصولِ، ويَنْظُر إلى سَطْح تلك المسائل، فيراها غيرَ متعارضةٍ، فيعمل بتلك مرةً، وبهذه أخرى، ولا يَدْري أنه بالعملِ بهما قد وقع في وَرْطَة التعارض من حيثُ لا يدريه‏.‏ نعم مَنْ كان له مَلَكةٌ بأُصولهم وتَنبُّه تامٌّ، فيجوزُ له أن يتخيَّر مِن المسائل ما يشاء، ويعمل بما رآه أَقْرب إلى الحديث، وأَنَّى هم اليوم بِفُرُوعهم، وليس عندي فَنُّ أَصْعبَ مِن الفِقْه، حتى أنِّي في الفنونِ كلِّها ذو رَأْي وتجربة، أَحْكم بما أريد، وأنتخب من أقوالهم ما أريد، وأفْترع الآراء من عندي لا أحتاج إلى تقليد أحد، ولكني في الفِقْه مقلِّد بحت، ليس لي رَأي سوى الروايةِ، ولذا قد يَصْعُب عليَّ الإِفتاءُ‏.‏ فإِنَّ الناس لا يكون عندهم إلاَّ قَوْلٌ واحد، ويكون عندي فيه أقوال عن الإِمام، أو عن المشايخ، والتصحيح قد يختلف، ولست من أصحاب الترجيح، وحينئذٍ أُفتي بما يَقْرُب من مذاهب الأئمة، وآثارِ السَّلَف، والسُّنة‏.‏

سُورةُ النَّحْلِ

‏{‏رُوحُ الْقُدُسِ‏}‏ ‏(‏102‏)‏ جِبْرِيلُ‏.‏ ‏{‏نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ لله‏}‏ ‏(‏الشعراء‏:‏ 193‏)‏‏.‏ ‏{‏فِى ضَيْقٍ‏}‏ ‏(‏127‏)‏ يُقَالُ‏:‏ أَمْرٌ ضَيْقٌ وَضَيِّقٌ، مِثْلُ هَيْنٍ وَهَيِّنٍ، وَلَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ‏.‏ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ‏{‏تَتَفَيَّأُ ظِلاَلهُ‏}‏ ‏(‏48‏)‏ تَتَهَيَّأُ‏.‏ ‏{‏سُبُلَ رَبّكِ ذُلُلاً‏}‏ ‏(‏69‏)‏ لاَ يَتَوَعَّرُ عَلَيهَا مَكانٌ سَلَكَتْهُ‏.‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏فِى تَقَلُّبِهِمْ‏}‏ ‏(‏46‏)‏‏.‏ اخْتِلاَفِهِم‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏تَمِيدَ‏}‏ ‏(‏15‏)‏ تَكَفَّأُ‏.‏ ‏{‏مُّفْرَطُونَ‏}‏ ‏(‏62‏)‏ مَنْسِيُّونَ‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ‏}‏ ‏(‏98‏)‏ هذا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ، وَذلِكَ أَنَّ الاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ القِرَاءَةِ، وَمَعْنَاهَا‏:‏ الاِعْتِصَامُ بِاللَّهِ‏.‏ ‏{‏قَصْدُ السَّبِيلِ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ البَيَانُ، الدِّفءُ‏:‏ ما اسْتَدْفَأْتَ‏.‏ ‏{‏تُرِيحُونَ‏}‏ ‏(‏6‏)‏ بِالعَشَيِّ، وَ ‏{‏تَسْرَحُونَ‏}‏ ‏(‏6‏)‏، بِالغَدَاةِ، ‏{‏بِشِقّ‏}‏ ‏(‏7‏)‏ يَعْنِي المَشَقَّةَ‏.‏ ‏{‏عَلَى تَخَوُّفٍ‏}‏ ‏(‏47‏)‏ تَنَقُّصٍ‏.‏ ‏{‏الاْنْعَمِ لَعِبْرَةً‏}‏ ‏(‏66‏)‏، وَهيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَكَذلِكَ النَّعَمُ‏.‏ الأَنْعَامُ‏:‏ جَمَاعَةُ النَّعَمِ‏.‏ ‏{‏سَرَابِيلَ‏}‏‏:‏ قُمصٌ تَقِيكُمُ الحَرَّ، وأَمَّا سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ فَإِنَّهَا الدُّرُوعُ‏.‏ ‏{‏دَخَلاً بَيْنَكُمْ‏}‏ ‏(‏92- 94‏)‏ كُلُّ شَيءٍ لَمْ يَصِحَّ فَهْوَ دَخَلٌ‏.‏

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَحَفَدَةً‏}‏ ‏(‏72‏)‏ مَنْ وَلَدَ الرَّجُلُ‏.‏ السَّكَرُ‏:‏ ما حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا، وَالرِّزْقُ الحَسَنُ ماأَحَلَّ اللَّهُ‏.‏ وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ، عَنْ صَدَقَةَ‏:‏ ‏{‏أَنكَثًا‏}‏ ‏(‏92‏)‏ هِيَ خَرْقاءُ، كانَتْ إِذَا أَبْرَمَتْ غَزْلَهَا نَقضَتْهُ‏.‏

وَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ‏:‏ الأُمَّةُ مُعَلِّمُ الخَيرِ، وَالقَانِتُ المُطِيعُ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ تَعالَى‏:‏ ‏{‏وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ‏}‏ ‏(‏70‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرءانَ فاستَعِذْ بالله‏}‏، هذا مقدَّم ومُؤَخَّر، وذلك أنَّ الاستعاذَةَ قَبْل القراءة‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ واعلم أن تقديرَ الإِرادة بعد «إذا» مُطّرِد في لغةِ العربِ، كما صرَّح به «المُغْني» وهو اثنان‏:‏ مصري، وخضراوي، وكلاهما نَحْويان، والمراد ههنا هو الأَوَّل، ونسب إلى مالك، التعوُّذ بعد القراءة، كما في ظاهر الآية، وهذا عجيبٌ‏.‏ ومَرَّ عليه القاضي أبو بكر بن العربي وقَرَّره وجَعَله لطيفاً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏شَاكِلَتِهِ‏}‏‏)‏ هي الحال التي شابهت صِفَة الإِنسان، وشاكلها، لأنَّ بين ظاهرِ الإِنسان وباطِنه تشاكلاً، وتناسُباً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كُلُّ شيء لم يَصِحَّ، فَهُوَ دَخَلٌ‏)‏ يعني هروه شى جو تهيك نه هووه كهوت هى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏السَّكَر‏:‏ ما حُرِّم من ثمرَتِها‏)‏ أخذه المُصنِّف بمعنى المُسْكر، ولذا فَسَّره بما حرم، وتَمسَّك به الحنفية، وقالوا‏:‏ إنه ذكَرَه في مَوْضع الامتنانِ، والحرامُ مما لا يُمْتنَّ به، فكأنهم نظروا إلى تَشَابُه السَّكَر، والسُّكَّر في اللفظ، فقالوا بالاشتقاق‏.‏

سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ

باب‏:‏ ‏{‏وَقَضَيْنَآ إِلَى بَنِى إِسْرءيلَ‏}‏ ‏(‏4‏)‏

أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفسِدُونَ، وَالقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ‏:‏ ‏{‏وَقَضَى رَبُّكَ‏}‏ ‏(‏23‏)‏ أَمَرَ رَبُّكَ‏.‏ وَمِنْهُ الحُكْمُ‏:‏ ‏{‏إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ‏}‏ ‏(‏يونس‏:‏ 93‏)‏، وَمِنْهُ الخَلقُ‏:‏ ‏{‏فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوتٍ‏}‏ ‏(‏فصلت‏:‏ 12‏)‏، ‏{‏نَفِيرًا‏}‏ ‏(‏6‏)‏ مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ‏.‏ ‏{‏وَلِيُتَبّرُواْ‏}‏ يُدَمِّرُوا ‏{‏مَا عَلَوْاْ‏}‏ ‏(‏7‏)‏‏.‏ ‏{‏حَصِيرًا‏}‏ ‏(‏8‏)‏ مَحْبِساً، مَحْصَراً، ‏{‏حَقَّ‏}‏ ‏(‏16‏)‏ وَجَبَ‏.‏ ‏{‏مَّيْسُورًا‏}‏ ‏(‏28‏)‏ لَيِّناً‏.‏ ‏{‏خَطَئاً‏}‏ ‏(‏31‏)‏ إِثْماً، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتَ، وَالخَطَأُ- مَفتُوحٌ- مَصْدَرُهُ مِنَ الإِثُمِ، خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ‏.‏ ‏{‏تَخْرِقَ‏}‏ ‏(‏37‏)‏ تَقْطَعَ‏.‏ ‏{‏وَإِذْ هُمْ نَجْوَى‏}‏ ‏(‏47‏)‏ مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالمَعْنى‏:‏ يَتَنَاجَوْنَ‏.‏ ‏{‏وَرُفَتاً‏}‏ ‏(‏49، 98‏)‏ حُطاماً‏.‏ ‏{‏وَاسْتَفْزِزْ‏}‏ ‏(‏64‏)‏ اسْتَخِفَّ‏.‏ ‏{‏بِخَيْلِكَ‏}‏ ‏(‏64‏)‏ الفُرْسَان، وَالرَّجْلُ‏:‏ الرَّجَّالَةُ، وَاحِدُهَا رَاجِلٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ‏.‏ ‏{‏حَاصِبًا‏}‏ ‏(‏68‏)‏ الرِّيحُ العَاصِفُ، وَالحَاصِبُ أَيضاً‏:‏ ما تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ، وَمِنْهُ‏:‏ ‏{‏حَصَبُ جَهَنَّمَ‏}‏ ‏(‏الأنبياء‏:‏ 98‏)‏، يُرْمى بِهِ في جَهَنَّمَ، وَهُوَ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ‏:‏ حَصَبَ في الأَرْضِ‏:‏ ذَهَبَ، وَالحَصَبُ‏:‏ مُشْتَقٌّ مِنَ الحَصْبَاءِ وَالحِجَارَةِ‏.‏ ‏{‏تَارَةً‏}‏ ‏(‏69‏)‏ مَرَّةً، وَجَماعَتُهُ تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ‏.‏ ‏{‏لاحْتَنِكَنَّ‏}‏ ‏(‏62‏)‏ لأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ، يُقَالُ‏:‏ احْتَنَكَ فُلاَنٌ ما عِنْدَ فُلاَنٍ مِنْ عِلمٍ اسْتَقْصَاهُ‏.‏ ‏{‏طَئِرَهُ‏}‏ ‏(‏13‏)‏ حَظَّهُ‏.‏ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ كُلُّ سُلطَانٍ في القُرْآنِ فَهُوَ حُجَّةٌ‏.‏ ‏{‏وَلِىٌّ مَّنَ الذُّلّ‏}‏ ‏(‏111‏)‏ لَمْ يُحَالِف أَحَداً‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏}‏ ‏(‏1‏)‏

زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ‏:‏ «لَمَّا كَذَّبَنِي قُرَيشٌ، حِينَ أَسْرِيَ بِي إِلَى بَيتِ المَقْدِسِ»‏.‏ نَحْوَهُ‏.‏ ‏{‏قَاصِفًا‏}‏ ‏(‏69‏)‏ رِيحٌ تَقْصِفُ كُلَّ شَيءٍ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ‏}‏ ‏(‏70‏)‏

كَرَّمْنَا وَأَكْرَمْنَا وَاحِدٌ‏.‏ ‏{‏ضِعْفَ الْحَيَوةِ‏}‏ ‏(‏75‏)‏ عَذَابَ الحَيَاةِ وَعَذَابَ المَمَاتِ‏.‏ ‏{‏خِلَفَكَ‏}‏ ‏(‏76‏)‏ وَخَلفَكَ سَوَاءٌ ‏{‏وَنَاءَ‏}‏ ‏(‏83‏)‏ تَبَاعَدَ، ‏{‏شَاكِلَتِهِ‏}‏ ‏(‏84‏)‏ نَاحِيَتِهِ، وَهيَ مِنْ شَكْلِهِ‏.‏ ‏{‏صَرَّفْنَا‏}‏ ‏(‏41‏)‏ وَجَّهْنَا‏.‏ ‏{‏قَبِيلاً‏}‏ ‏(‏92‏)‏ مُعَايَنَةً وَمُقَابَلَةً، وَقِيلَ‏:‏ القَابِلَةُ لأَنَّهَا مُقَابِلَتُهَا، وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا‏.‏ ‏{‏خَشْيَةَ الإِنفَاقِ‏}‏ ‏(‏100‏)‏، أَنْفَقَ الرَّجُلُ أَمْلَقَ، وَنَفِقَ الشَّيءُ ذَهَبَ‏.‏ ‏{‏قَتُورًا‏}‏ ‏(‏100‏)‏ مُقَتِّراً‏.‏ ‏{‏لِلاْذْقَانِ‏}‏ ‏(‏107، 109‏)‏ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَينِ، وَالوَاحِدُ ذَقَنٌ‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏مَّوفُورًا‏}‏ ‏(‏63‏)‏ وَافِراً، ‏{‏تَبِيعًا‏}‏ ‏(‏69‏)‏ ثَائِراً، وَقالَ ابْنُ عَبُّاسٍ‏:‏ نَصِيراً‏.‏ ‏{‏خَبَتْ‏}‏ ‏(‏97‏)‏ طَفِئَتْ‏.‏ وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تُبَذّرْ‏}‏ ‏(‏26‏)‏ لاَ تُنْفِقْ في البَاطِلِ‏.‏ ‏{‏ابْتِغَآء رَحْمَةٍ‏}‏ ‏(‏28‏)‏ رِزْقٍ‏.‏ ‏{‏مَثْبُورًا‏}‏ ‏(‏102‏)‏ مَلعُوناً‏.‏ ‏{‏وَلاَ تَقْفُ‏}‏ ‏(‏36‏)‏ لاَ تَقُل‏.‏ ‏{‏فَجَاسُواْ‏}‏ تَيَمَّمُوا‏.‏ يُزْجِي الفُلكَ‏:‏ يُجْرِي الفُلكَ‏.‏ ‏{‏يَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ‏}‏ ‏(‏107- 109‏)‏ لِلوُجُوهِ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا‏}‏ الآيَةَ ‏(‏16‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا‏}‏ ‏(‏3‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو اسمٌ من خَطِئتَ‏)‏، وللاسم عند النحاة نحوُ خمسةِ معانِ، فيقال‏:‏ إنه اسمٌ، أي ليس بِمَصْدر؛ ويقال‏:‏ إنه اسمُ فِعْل، أي ليس بِفِعْل؛ ويقال‏:‏ هذا اسمٌ، أي ليس بِصِفَة‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فَوَصَفَهُم بها‏)‏ أي على طريقِ المبالغة، كما في‏:‏ زَيْدٌ عَدْل، كذلك وَصَفَهم بالنَّجْوى في قوله‏:‏ ‏{‏وَإِذْ هُمْ نَجْوَى‏}‏ ‏(‏الإِسراء‏:‏ 47‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لأحتَنِكنَّ‏)‏ رسادو نكا منه مين وما ذكره المصنِّفُ حَاصِلُ معناه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابنُ عَبَّاس‏:‏ كُلُّ سُلْطان في القرآن‏)‏ أي هذا اللفظ في جميعِ مواضِع القرآن بمعنى الحُجَّة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏شَاكِلَتِهِ‏}‏ ناحِيَتِه، وهي مِن شَكْلِهِ‏)‏ يعني أنها مُشتقَّة منه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نَفِقَ الشيءُ‏)‏ جيز نكل كئى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثائِراً‏)‏ مَنْ يأخذ الثَّأرَ والقِصَاص‏.‏

4711- قوله‏:‏ ‏(‏كُنَّا نقُولُ للحَيِّ إذا كَثُرُوا في الجاهليةِ‏:‏ أُمِر بَنُو فُلان‏)‏ ولكن هذا المعنى لا يناسب ههنا، لأن قوله‏:‏ ‏{‏أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ ‏(‏الإِسراء‏:‏ 16‏)‏، ليس منه‏.‏

4712- قوله‏:‏ ‏(‏ثَلاثَ كَذَبات‏)‏ وهي كلُّها كانت تَوْرية، ولكنه عَظُم أَمْرُها‏.‏

4712- قوله‏:‏ ‏(‏إنيِّ ‏(‏قد‏)‏ قَتَلْتُ نَفْساً لم أُومَر بِقَتْلها‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وقد مَرَّ معنا أن حَرْبياً لو اعتمد على مُسْلم أَنَّه لا يقتُله، لا يجوزُ للمسلم قَتْلُه، ما لم يَنْبِذ إليه على سواء، وقد فَهِمته من حديثٍ في «الجامع الصغير» وفيه لفظ‏:‏ «أمن من سمع»، وضَبَطه الناسُ من الأفعال، فَغَلِطوا في شَرْحه‏.‏

4712- قوله‏:‏ ‏(‏ولَم يَذْكُر ذَنْباً‏)‏ وعند الترمذي أنه قال‏:‏ إني عَبَدت مِن دونِ الله‏.‏

4712- قوله‏:‏ ‏(‏يا محمَّدُ، أَدْخِل مِن أُمَّتِك‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ هذه القِطْعةُ في الشفاعة الصُّغْرى، وكانت الأُولى في الكُبْرى، لِفَتْح باب الحساب؛ وحاصِله أنَّ العالم بمجموعِه إذا احتاج إلى شَافِعٍ، لم يُسْر عنهم ما رابهم غيرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإذا وصل الأَمْرُ إلى كلَ من الأمم، تكفَّلَ كُلُّ نبيَ لأُمَّتِه، يعني‏:‏ جب مجموع دنيا كاكام آياتواس كى لئى آب منتخب هوئى- اورجب ابنى ابنى امم كاكام آياتو صلى الله عليه وسلّم ران كى نبى‏.‏

باب‏:‏ قوله‏:‏ ‏{‏وَءاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً‏}‏ ‏(‏55‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً‏}‏ ‏(‏56‏)‏

4713- قوله‏:‏ ‏(‏فكانَ يَقْرَأ قَبْل أن يَفْرُغَ‏)‏ أي مُعْجِزة، وفي روايةٍ‏:‏ أنه كانَ يَفْرُغ من قراءته فيما بين أن يَضَع قَدَمَيه في الركابين، وذكر السُّيوطي عن بعض الأولياء أنه كان يَخْتِم القرآنَ تِسْعِ مراتٍ في يوم وليلةٍ‏.‏ وكان الشيخُ السهروردى يَفْعَلُه ستينَ مرةً في يوم، ويُحْكى عَنْ ثقة أنَّ الشاه إسماعيل خَتَمه بعد العَصْر إلى الغروب مع ترتيلٍ، وهو بين أيدي الناس‏.‏ وعند الترمذي في كتاب الدعوات‏:‏ أن عمرَ بن هَانِي كان يُصلِّي أَلفَ سجدةٍ كُلَّ يوم، ويسبِّح مئة ألف تسبيحة‏.‏ وصنَّفَ ابنُ كثير رسالة في متعلقات القرآن، ووضع فيها فَصْلاً جَمَع فيه أسماءَ الذين ختموا القرآن في يومٍ وليلة، أو دُونه‏.‏ فالحكايةُ في مِثْله قد تواترت، بحيث لا يُسَوَّغ الإِنكار الإِنكار، ولكن مَنْ يُحْرَم عن الخيرِ يجعل رزقه أنه يكذب بالكراماتِ، والبركات، ويزعمه مُستحيلاً‏.‏

ثُم هذه المسألة تُسمَّى عند الصوفية بِطَيِّ الزَّمان‏.‏ أما طَيّ المكان، فهو مُسَلَّم بلا نكير، ففي «الفتوحات»‏:‏ أنَّ الجَوْهريّ أجنب مرةً، فذهب إلى نَهْرٍ لِيَغْتَسِل، فَنَعَس فيه، فإِذا هو يرى في المنام أنه دخل بغداد، وتزوَّج فيها امرأةً، وولدت منه أولاداً، فإِذا هَبَّ من نَوْمه، رجع إلى بيتِه، ولم يَمْض بعد ذلك مُدَّةٌ، إذ جاءته امرأةٌ من بغداد، تَدَّعِي أنه نكحها، وهؤلاء صبيانٌ منه‏.‏ ومَرَّ عليه العارف الجامي في «النفخات»، وأغمض عنه، وأنكره الشيخ المجدد‏.‏ قلتُ‏:‏ لا استحالةَ فيه، فهو مِن باب طيِّ الزمان عندي‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبّهِمُ الْوَسِيلَةَ‏}‏ ‏(‏57‏)‏ الآيَة

4715- قوله‏:‏ ‏(‏ناسٌ من الجِنِّ كانوا يَعْبدون، فأَسْلَمُوا‏)‏ أي يتقرَّبون بهم، ويجعلونهم وسيلةً إلى اللَّهِ تعالى، أي واسطة للتقرُّب، فثبتت الوسيلةُ في اللغةِ، بمعنى التقرُّب أيضاً‏.‏ وحينئذٍ سقط بَحْثُ الحافظِ ابن تيميةَ، فإِنه أنكر كَوْنَ الوسيلة بمعنى التقرُّب، أما إنَّ التقرُّب إلى أين يُعتبر؛ فذلك بَحْثٌ آخَر‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَمَا جَعَلْنَا الرُّءيَا الَّتِى أَرَيْنَكَ إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ‏}‏ ‏(‏60‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّ قُرْءانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا‏}‏ ‏(‏78‏)‏

قالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ صَلاَةَ الفَجْرِ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا‏}‏ ‏(‏79‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَقُلْ جَآء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا‏}‏ ‏(‏81‏)‏

يَزْهَقُ‏:‏ يَهْلِكُ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ‏}‏ ‏(‏85‏)‏

وإنما جَمَعَ القرآنُ بين الرؤيا والزَّقُّوم، لأنَّ أبا جهل كان يستهزِىءُ بهما‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا‏}‏ ‏(‏110‏)‏

واعلم أنَّ الآيةَ أَشْكَلت على العلماء، فإنَّ الجَهْر في الفِقْه إسماعُ الغير، والسرَّ إسماعُ النَّفْس، وإِذن ماذا يكون السبيلُ بين السَّبِيلَين‏؟‏ والوجه عندي أنَّ الجَهْر المنهيَّ عنه محمولٌ على اللغة، وهو أَرْفَعُ من الجَهْرِ الفِقْهي، على حدَّ قَوْله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ‏}‏ ‏(‏الحجرات‏:‏ 2‏)‏ أي بِرَفْع الصوت على عادةِ الأَعْراب، ومَحَطُّ الآيةِ التحذيرُ عن طَرَفي الإِفراط والتفريط، والمعنى لا تَجْهَر كُلَّ الجهر، ولا تخافت كلَّ المخافتة، واتخذ لقراءتك سبيلاً بين ذلك، حسب ما ناسب في الصلوات من الجَهْر والسر‏.‏ فالمنهيُّ عنه الإِفراطُ في الجهر، والتفريط فيه، فإِذَن السبيلُ المأمورُ به هو عينُ الجَهْر الفِقْهي، وإن كان غيرَ الجَهْرِ المعروفِ في اللغة‏.‏

أما وجوبُ الجَهْر في الجهرية، والإِسرار في السِّرِّيَّة، فذلك أَمْرٌ مَعْلومٌ من الخارج، لا أُحِبُّ أن أُدْخِله تحت النصِّ، فإِنه أَمْرٌ مختَلَفٌ فيه، فليكن حَسَب ما تقرَّر عندهم من الدلائل الخارجية، وهو المَلْحَظ عندي في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً‏}‏وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ ‏(‏الأَعراف‏:‏ 205‏)‏ فهذا النهي أيضاً يَنْصَبّ على الإِفراط فيه، ولذا وَصَفه بقوله‏:‏ ‏{‏مِنَ الْقَوْلِ‏}‏ فدخلت فيه الصلواتُ الخَمْس أيضاً على طريق نَظِيره‏.‏ ولما كانت الآيةُ الأُولى مُركَّبةً من قَضَيَّتَين سالِبَتَيْن، دَعت الضرورةُ إلى مُوجَبة، للامتثال بها، فزاد فيها قَوْله‏:‏ ‏{‏واتخِذ بين ذلك سبيلاً‏}‏ وعيّن منه ما كان المرادُ، بخلاف الآية الثانية، فإِنَّ طرفاً منها إيجابيٌّ، وهو قوله‏:‏ ‏{‏وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ‏}‏ فاكتفى به، فاقتصر فيها على النهي عن الإِفراط فقط‏.‏ وبالجملةِ مُحصَّل الآيتينِ النهيُ عن غايةِ الجهر، وغاية الإِسرار، والأمُر باتخاذ سبيلٍ بين سبيلين في الصلوات الخَمْس، بما ناسب منها‏.‏

ثُم إنِّي عَدَلْت إلى هذا التفسيرِ لتخرج الآيةُ عن مسألةٍ مختَلَفٍ فيها، وهي وجوب الجَهْر في الجهرية، والإِسرار في السِّرِّية، فإِن الأئمة الأخر ذَهبوا إلى سُنِّيته‏.‏ وإنْ كان المصلِّي منفرِداً، ففيه خلافٌ بين الحنفيةِ أيضاً، ففي قَوْلٍ هو مُخيَّر، فهؤلاء جعلوا الجَهْرَ من خصائصِ الجماعة، فإِذا كانت المسألةُ حالها هذا، فسرت الآية بما سمعت، لئلا تدل على مطلوبيةِ الجَهْر، والإِسرار، وقد عَلِمت مِن قبل أنَّ عائشةَ حَمَلَتها على الدُّعاء، ولَعلَّه لذلك العسر الذي عَلِمته آنفاً، والله تعالى أعلم‏.‏

سُورَةُ الكَهْفِ

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏تَّقْرِضُهُمْ‏}‏ ‏(‏17‏)‏ تَتْرُكُهُمْ‏.‏ ‏{‏وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ‏}‏ ‏(‏34‏)‏ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ جَمَاعَةُ الثَّمَرِ‏.‏ ‏{‏بَخِعٌ‏}‏ ‏(‏6‏)‏ مُهْلِكٌ‏.‏ ‏{‏أَسِفًا‏}‏ ‏(‏6‏)‏ نَدَماً‏.‏ ‏{‏الْكَهْفِ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ الفَتْحُ في الجَبَلِ‏.‏ ‏{‏وَالرَّقِيمِ‏}‏ ‏(‏9‏)‏ الكِتَابُ‏.‏ ‏{‏مَّرْقُومٌ‏}‏ ‏(‏المطففين‏:‏ 20‏)‏ مَكْتُوبٌ، مِنَ الرَّقْمِ‏.‏ ‏{‏وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ‏}‏ ‏(‏14‏)‏ أَلهَمْنَاهُمْ صَبْراً‏.‏ ‏{‏لَوْلآ أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا‏}‏ ‏(‏القصص‏:‏ 10‏)‏، ‏{‏شَطَطاً‏}‏ ‏(‏14‏)‏ إِفرَاطاً‏.‏ ‏{‏الوَصِيد‏}‏ ‏(‏18‏)‏ الفِنَاءُ، جَمْعُهُ‏:‏ وَصَائِدُ وَوُصُدٌ‏.‏ وَيُقَالُ الوَصيدُ البَابُ‏.‏ ‏{‏مُّؤْصَدَةٌ‏}‏ ‏(‏البلد‏:‏ 20‏)‏ مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البَابَ وَأَوْصَدَ‏.‏ ‏{‏بَعَثْنَهُمْ‏}‏ ‏(‏19‏)‏ أَحْيَينَاهُمْ‏.‏ ‏{‏أَزْكَى‏}‏ ‏(‏19‏)‏ أَكْثَرُ، وَيُقَالُ‏:‏ أَحَلُّ، وَيُقَالُ‏:‏ أَكْثَرُ رَيعاً‏.‏ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمِ‏}‏ ‏(‏33‏)‏ لَمْ تَنْقُصْ‏.‏

وَقالَ سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَالرَّقِيمِ‏}‏ اللَّوْحُ مِنْ رَصَاصٍ، كَتَبَ عامِلُهُمْ أَسمَاءَهُمْ، ثمَّ طَرَحَهُ في خِزَانَتِهِ، فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ فَنَامُوا‏.‏

وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ وَأَلَتْ تَئِلُ تَنْجُو، وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏مَؤْئِلاً‏}‏ ‏(‏58‏)‏ مَحْرِزاً‏.‏ ‏{‏لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً‏}‏ ‏(‏101‏)‏ لاَ يَعْقِلُونَ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَكَانَ الإِنْسَنُ أَكْثَرَ شَىء جَدَلاً‏}‏ ‏(‏54‏)‏

‏{‏رَجْماً بِالْغَيْبِ‏}‏ ‏(‏22‏)‏ لَمْ يَسْتَبِنْ‏.‏ ‏{‏فُرُطًا‏}‏ ‏(‏28‏)‏ نَدَماً‏.‏ ‏{‏سُرَادِقُهَا‏}‏ ‏(‏29‏)‏ مِثْلُ السُّرَادِقِ، وَالحُجْرَةِ الَّتِي تُطِيفُ بِالفَسَاطِيطِ‏.‏ ‏{‏يُحَاوِرُهُ‏}‏ ‏(‏34- 37‏)‏ مِنَ المُحَاوَرَةِ‏.‏ ‏{‏لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي‏}‏ ‏(‏38‏)‏ أَي لكِنْ أَنَا هُوَ اللَّه رَبِّي، ثُمَّ حَذَفَ الأَلِفَ وَأَدْغَمَ إِحْدَى النُّونَينِ في الأُخْرَى‏.‏ ‏{‏وَفَجَّرْنَا خِلَلَهُمَا نَهَراً‏}‏ يقول‏:‏ بينهما نَهَراً‏.‏ ‏{‏زَلَقًا‏}‏ ‏(‏40‏)‏ لاَ يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ‏.‏ ‏{‏هُنَالِكَ الْوَلَيَةُ‏}‏ ‏(‏44‏)‏ مَصْدَرُ الوَلِيِّ‏.‏ ‏{‏عُقْبًا‏}‏ ‏(‏44‏)‏ عاقِبَة وَعُقْبَى وَعُقْبَةً وَاحِدٌ، وَهيَ الآخِرَةُ‏.‏ ‏{‏قُبُلاً‏}‏ ‏(‏55‏)‏ وَ ‏{‏قُبُلاً‏}‏، وقَبَلاً‏:‏ اسْتِئْنَافاً‏.‏ ‏{‏لِيُدْحِضُواْ‏}‏ ‏(‏56‏)‏ لِيُزِيلُوا، الدَّحْضُ الزَّلَقُ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَهُ لآ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُباً‏}‏ ‏(‏60‏)‏، زَمانا

وَجَمْعُهُ أَحْقَابٌ‏.‏

قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيرٍ‏:‏ فَكانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ‏:‏ وَكانَ أَمامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفينَةٍ صَالحِةٍ غَصْباً‏.‏ وَكانَ يَقْرَأُ‏:‏ وَأَمَّا الغُلاَمُ فَكانَ كافِراً وَكانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَينِ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ سَرَباً‏}‏

مَذْهَباً، يَسْرُبُ يَسْلُكُ، وَمِنْهُ‏:‏ ‏{‏وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ‏}‏ ‏(‏الرعد‏:‏ 10‏)‏‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَهُ ءاتِنَا غَدَآءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً‏}‏ ‏(‏62‏)‏

إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏عَجَبًا‏}‏ ‏(‏63‏)‏، ‏{‏صُنْعاً‏}‏ ‏(‏104‏)‏ عَمَلاً‏.‏ ‏{‏حِوَلاً‏}‏ ‏(‏108‏)‏ تَحَوُّلاً‏.‏

‏{‏قَالَ ذلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى ءاثَارِهِمَا قَصَصًا‏}‏ ‏(‏64‏)‏، ‏{‏إِمْرًا‏}‏ ‏(‏71‏)‏ وَ ‏{‏نُّكْراً‏}‏ ‏(‏74‏)‏ دَاهِيَةً‏.‏ ‏{‏يَنقَضَّ‏}‏ ‏(‏77‏)‏ يَنْقَاضُ كَمَا تَنْقَاضُ السِّنُّ‏.‏ ‏{‏لَتَخِذْتَ‏}‏ ‏(‏77‏)‏ وَاتَّخَذْتَ وَاحِدٌ‏.‏ ‏{‏رُحْماً‏}‏ ‏(‏81‏)‏ مِنَ الرُّحْمِ، وَهيَ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنَ الرَّحْمَةِ، وَنَظنُّ أَنَّهُ مِنَ الرَّحِيمِ، وَتُدْعى مَكَّةُ أُمَّ رُحْمٍ، أَيِ الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِالاْخْسَرِينَ أَعْمَلاً‏}‏ ‏(‏103‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ‏}‏ ‏(‏105‏)‏ الآيَة

واعلم أنَّ في أصحاب الكهف قولان، قيل‏:‏ هم أصحابُ الرَّقِيم، وإنما سُمِّي بهم، لأنَّ مَلِكاً من الملوك كان كَتَب كِتاباً، ووضعه هناك‏.‏ فسُمُّوا بأصحابِ الرَّقِيم، وقيل‏:‏ هو غيرُ أولئك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏أُكُلَهَا‏}‏‏)‏ وتفسيرُه على «الهامش»- أي من طَبْع الهند ، أي ثمرها، وهذا مما قلت‏:‏ إنَّ مرادَ الصُّلب قد لا يَتِم إلاَّ بَعْد انضمام ما في «الهامش»، وهذا عجيب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏جَدَلاَ‏}‏‏)‏ والجَدَل هو التعلُّل بالحِيَل، من إضمار تَرْك العمل في النَّفْس يعنى كرنا يوهى نهين بهانى بناتى هين‏.‏

4726- قوله‏:‏ ‏(‏وحَلَّق بين إبهَامَيْه‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، وإنما فعله ليرى صورته‏.‏

4726- قوله‏:‏ ‏(‏وَتَد‏)‏ دات لكادى‏.‏

فائدة‏:‏

واعلم أنَّ معلوماتِ الباري تعالى غيرُ متناهية، والأُمورُ غير المتناهيةِ عند الباري جَلَّ مَجْدُه موجودةٌ، وهو الحقُّ عندي‏.‏ ونقل الصَّدْر الشيرازي عن ابن سيناء أنه ذهب في حِكْمة الإِشراق إلى تناهي عِلْمه تعالى؛ قلتُ‏:‏ وهو كُفْرٌ قطعاً، ثُم إنَّ العلماءَ بعد تَسْلِيمهم عدمَ تناهي معلوماتِه تعالى، لم يُجِيبوا عما يَرِد عليه من جريانِ براهينِ التسَلْسل؛ قلتُ‏:‏ أما حديثُ التسلسل فباطِلٌ بِنَفْسه، ولم يقم برهانٌ قَويٌّ بَعْدُ على بُطْلان التسلسل، إلا على تَسَلْسل العِلَل، فإِنه مُحال، وقد بسطته في رسالتي «في حدوث العالم»‏.‏

4726- قوله‏:‏ ‏(‏غُلاماً كافِراً‏)‏ وإنما وصفه الراوي بالكافر، لأنَّ الخَضِر عليه الصلاة والسلام كان نزع اللَّحم عن كَتِفه، فإذا فيه مكتوب‏:‏ طُبِع يومَ طُبِع كافراً، أما مسألة نجاةِ أطفالِ المشركين والمسلمين، فقد مَرَّت مبسوطةً‏.‏

4726- قوله‏:‏ ‏(‏هُدَدُ بنُ بُدَدَ‏)‏ اسم مَلِك، وهذا الاسمُ مَوْجودٌ في التوراة بعد، فإِن تَعقَّب عليه نصرانيّ، ويقول‏:‏ إنَّ تلك القصةَ ليست في التوراةِ، فدلَّ على أنها لا أَصْلَ لها‏.‏ قلنا‏:‏ وجودُ اسم هذا المَلِك يدلُّ على أنَّ لها أَصْلاً في التوراةِ أيضاً، وإنْ لم تُذْكر بتمامِها، ثُم أيُّ اعتداد بالتوراةِ إذا ثبت تحريفُها، واشتهر فيها ما اشتهر‏.‏

4726- قوله‏:‏ ‏(‏بالْقَار‏)‏ وترجمته‏:‏ تاركول، ومَنْ قال‏:‏ إنه‏:‏ رال فقد غَلِط‏.‏

4727- قوله‏:‏ ‏(‏فَأصاب الحوتَ مِن ماءِ تِلْكَ العَيْن‏)‏ أي عند أَيْلة، عند جبل سِيناء، ويقال لها اليوم‏:‏ العَقَبة، وهو المراد من ‏{‏مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ‏}‏، ومَنْ قال‏:‏ إنه مُجْتمَع الفُرات، ودجْلة، فليس بصحيح، وقد مَرَّ في العلم‏.‏

فائدة‏:‏

وقد عُلِمَ من تلك القصةِ عقيدةُ أُولي العَزْم من الرُّسُل، ماذا قَدْرُ عِلْم العبد بِجَنْب عِلْم الله تعالى، أما عقيدةُ موسى، والخَضِر عليهما السلام فبقوله‏:‏ «ما نقص من علم الله»‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، وأما عقيدة نبينا صلى الله عليه وسلّم فمن قوله‏:‏ «لوددنا أن موسى صبر، حتى يقص علينا من أمرهما»‏.‏

4728- قوله‏:‏ ‏(‏وأَمَّا النَّصَارى، كَفَرُوا بالجَنَّة‏)‏ واعلم أنَّ مذهبَ النَّصارى في الجَنَّة أَقْرب إلى مذهب الفلاسفة، فالجنة عندهم رُوحانيةٌ صِرْفة، وتوهم ذلك عبارة في الإِنجيل أيضاً، لكنه أيُّ عباءةٍ بها بعد ثُبوتِ التحريف، والتنسيخ، كيف وأنها من أصول الدين، فلا يُسوَّغ فيهما الاختلاغ بين الأديان السماوية، فإِنها في الأُصولِ، والعقائد واحدةٌ، وإن تفاوتت في الفُروع‏.‏

فائدة‏:‏

واعلم أن في إنجيل «برنباس» عِلْماً غزيراً، وأَصْلُه مفقودٌ لا يوجد اليوم، غير أَنِّي أظنُّ أَنَّه أَلَّفه بَعْضٌ من المسلمين، وذلك لأَنِّي لا أجِد فيه فَصْلاً إلاَّ ينتهي إلى ذِكْر النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فيلوح منه كأنَّ هذا الإنجيلَ بأَسْره أُلِّف له صلى الله عليه وسلّم وهذا يدلُّ على أَنَّه أَلَّفه أَحَدٌ من المسلمين‏.‏

4729- قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَزْناً‏}‏‏)‏ يعني مع كونِ الكُفَّار لِحيما شَحِيما في الدنيا، ليس لأعمالهم وَزْنٌ عند الله تعالى، وقد استُدلَّ منه على وَزْن الأشخاص أيضاً، والصوابُ أنَّ المراد منه وَزْن الأعمال فقط، وإنما تعرض إلى عَدَم وَزْن أنفسهم إشارةً إلى أنهم ممن لا عباءةً بهم عند الله فكأنهم لا وَزْن لهم‏.‏

سُورَةُ مَرْيَم

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ أَبْصِرْ بِهِمْ وَأَسْمِعْ، اللَّهُ يَقُولُهُ، وَهُمُ اليَوْمَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يُبْصِرُونَ، ‏{‏فِى ضَلَلٍ مُّبِينٍ‏}‏ ‏(‏38‏)‏‏:‏ يَعْنِي قَوْلَهُ ‏{‏أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ‏}‏ ‏(‏38‏)‏‏:‏ الكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ أَسْمَعُ شَيءٍ وَأَبْصَرُهُ‏.‏ ‏{‏لارْجُمَنَّكَ‏}‏ ‏(‏46‏)‏‏:‏ لأَشْتِمَنَّكَ‏.‏ ‏{‏وَرِءياً‏}‏ ‏(‏74‏)‏ مَنْظَراً‏.‏

وَقَالَ أَبُو وائِلٍ‏:‏ عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ، حتى قالتْ‏:‏ ‏{‏إِنّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً‏}‏‏.‏

وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ‏:‏ ‏{‏تَؤُزُّهُمْ أَزّاً‏}‏ ‏(‏83‏)‏ تُزْعِجُهُمْ إِلى المَعَاصِي إِزْعاجاً‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏إِدّاً‏}‏ ‏(‏89‏)‏ عِوَجاً‏.‏

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وِرْداً‏}‏ ‏(‏86‏)‏‏:‏ عِطَاشاً‏.‏ ‏{‏أَثَثاً‏}‏ ‏(‏74‏)‏ مالاً‏.‏ ‏{‏إِدّاً‏}‏ ‏(‏89‏)‏ قَوْلاً عَظِيماً‏.‏ ‏{‏رِكْزاً‏}‏ ‏(‏98‏)‏ صَوْتاً‏.‏ وقال غَيْرُهُ‏:‏ ‏{‏غَيّاً‏}‏ ‏(‏59‏)‏ خُسْرَاناً‏.‏ ‏{‏وَبُكِيّاً‏}‏ ‏(‏58‏)‏ جَمَاعَةُ بَاكٍ‏.‏ ‏{‏صِلِيّاً‏}‏ ‏(‏70‏)‏ صَلِيَ يَصْلَى‏.‏ ‏{‏نَدِيّاً‏}‏ ‏(‏73‏)‏ وَالنَّادِي وَاحِدٌ‏:‏ مَجْلِساً‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ‏}‏ ‏(‏39‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا‏}‏ ‏(‏64‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَفَرَأَيتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقالَلأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً‏}‏ ‏(‏77‏)‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً‏}‏ صلى الله عليه وسلّم ‏(‏78‏)‏

لَمْ يَقُلِ الأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفيَانَ‏:‏ سَيفاً، وَلاَ مَوْثِقاً‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدّاً‏}‏ ‏(‏79‏)‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً‏}‏ ‏(‏80‏)‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏الْجِبَالُ هَدّاً‏}‏ ‏(‏90‏)‏ هَدْماً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏أَبْصِر بهم وأَسْمِع‏}‏‏:‏ اللَّهُ يَقُولُه‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ يشيرُ إلى تأويلِ وُرُود فِعْل التعجُّب في القرآن، فإِنَّ الظاهِرَ أنَّ الله تعالى لا يأخُذه عَجَبٌ، فما معنى صِيغ التعجب في حَقِّه‏؟‏ فحرر فيه السُّيوطي رسالةً، وقال‏:‏ إنَّ صِيغ التعجُّب قد تَنْسلِخُ عن معناها، وإنْ كانت في الأَصْل لتلعجب، وحينئذ صَحَّ وُقوعُها في القرآنِ بدونِ إشْكَال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏عِتِيّاً‏}‏‏)‏ وتفسيره في «الهامش»‏.‏ وقد سَمِعت أنَّ المصنِّف لم يُحْسن في تلخيص مجاز القرآن، ثُم لم يتوجَّه إليه صاحِبُ النسخة أيضاً، فصار ضغثاً على إبالة، ولذا أَشْكل فَهْمُه على الطَّلَبَة‏.‏

4730- قوله‏:‏ ‏(‏ويُؤتَى بالموتِ كهيئةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ ويتولى ذَبْحه يَحْيى عليه السلام، ثُم ما الحِكْمةُ فيه‏؟‏ فاللَّهُ سبحانه أَعْلمُ بأسرارِ مُبْدَعاته، وحكم غرائِبه، ويمكن أن يُقال‏:‏ إنَّ اسمَهُ لما كان مُشتقّاً من الحياة، ناسب له ذَبْح الموت‏.‏ فإِنْ قلت‏:‏ إنَّ الموتَ معنى، فكيف يُذْبح‏؟‏ قلتُ‏:‏ رَحِمك اللَّهُ إذا مَرَرت بأَمْرٍ من عالم الغيب، فلا تَضْرب له مَثلاً‏.‏ أما سَمِعت أن الكليَّ الطبعي عند المَعْقُوليين، موجودٌ في الخارج، بل محسوسٌ عند بَعْضِهم‏.‏ وتفصيله أنَّ زيداً، وعمراً، وكذا غيرَهما من أفرادِ الإِنسان موجودون في الخارج، فأخذوا من هؤلاء الأفرادِ مفهوماً يُوصَف بكونِه صادِقاً على الكثيرين، وهو الكُليّ المَنْطِقي، ثُم إنَّ هذه الأفرادَ لما كانت موجودةً في الخارج لا بد أن تكون الإِنسانيةُ أيضاً فيه، وإلاَّ لَزِم أن لا يكون زيدٌ موجوداً في الخارج، لانتفاء جزئه، فلزِم وجودُ الكليّ الطبعي في الخارج‏.‏

قال ابنُ سيناء‏:‏ إنَّ نِسبةَ الكلي الطبعي إلى أفرادِه، ليست كنِسْبةِ الأب إلى أبنائه، بل كنسبةِ الآباء إلى أبنائهم قلتُ‏:‏ مرادُه أنَّ الكليَّ بتمامِه موجودٌ في كلَ مِن أفراده، لا أنه موجودٌ في مجموع أفرادِه بوجود واحدٍ، فكما أنَّ الكليَّ الطبعي موجودٌ عندهم في الخارج، بل محسوسٌ عند بَعْضِهم، فهكذا الحالُ في تَجسُّد الموتِ يومَ الحَشْر‏.‏ أما وَجْه تمثُّلِهِ في صورة الكبش، فلعله لما قالوا‏:‏ إنَّ للكَبْش مناسبةً بالموت، وللفرس من الحياة، ولذا صار الكَبْشُ فِدْيةً للموت، فَيُذْبح عنه، كما ذُبِح عن إسماعيل عليه الصلاة والسلام، أو لكون أكثرَ ذبائهم هو الكبش‏.‏

ثُم إنَّ في ذَبْح الموت نداءً على الخلود، وعدمَ فناء الطائفتين أبداً، لكنهم مع ذلك تَفَرَّقُوا في الجهنميين على سبعة أقوال‏:‏ منها- وهو غيرُ مشهورِ- أنهم بعد أَحْقَاب يَعْلَمُها اللَّهُ تعالى يَنْعَدِمُون‏:‏ قلتُ‏:‏ لا أقول فيهم بالفَناء، ولا بالعدم، ولكن أعتقدُ فيهم بالاستثناء الذي ورد به القرآنُ، وهو قوله‏:‏ ‏{‏إِلاَّ مَا شَآء رَبُّكَ‏}‏، أما إنه ماذا مِصْدَاقُه‏؟‏ فأَكِلُ عِلْمَه إلى الله تعالى، ولا أقول‏:‏ إنَّه فِناءً أو غيره، فاعتقد بالخلودِ، كما نصَّ عليه القرآنُ، وأبوح بالاستثناء، كما باح به، ولا أُفسِّره، ولا أُفصِّله وأؤمن به على إيهامه، ما كان مرادّه، عند ربِّي عز وجل‏.‏ وما نقلوا فيه عن عمرَ، وابنِ مسعود، وأبي هريرة، فلعلَّ أَصْلَه في حَقِّ العصاة، وما يلوح منه من كَوْنِه في حَقِّ الكُفّار، فلعله من خَبْط الرواةِ عندي‏.‏

سورة طه

قالَ ابْنُ جُبَيرٍ والضَّحَّاكُ‏:‏ بِالنَّبَطِيَّةِ ‏{‏طه‏}‏ ‏(‏1‏)‏ يَا رَجُلُ‏.‏ يُقَالُ‏:‏ كُلُّ ما لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ، أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ، أَوْ فَأْفَأَةٌ، فَهيَ عُقْدَةٌ، ‏{‏أَزْرِي‏}‏ ‏(‏31‏)‏ ظَهْرِي‏.‏ ‏{‏فَيُسْحِتَكُم‏}‏ ‏(‏61‏)‏ يُهْلِكَكُمْ‏.‏ ‏{‏المُثْلَى‏}‏ ‏(‏63‏)‏ تَأْنِيثُ الأَمثَلِ، يَقُولُ‏:‏ بِدِينِكُمْ، يُقَالُ‏:‏ خُذِ المُثْلَى‏:‏ خُذِ الأَمْثَلَ‏.‏ ‏{‏ثُمَّ ائْتُواْ صَفّاً‏}‏ ‏(‏64‏)‏ يُقَالُ‏:‏ هَل أَتَيتَ الصَّفَّ اليَوْمَ، يَعْنِي المُصَلَّى الَّذِي يُصَلى فِيهِ‏.‏ ‏{‏فَأَوْجَسَ‏}‏ ‏(‏67‏)‏ أَضْمَرَ خَوْفاً، فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ ‏{‏خِيفَةً‏}‏ ‏(‏67‏)‏ لِكَسْرَةِ الخَاءِ‏.‏ ‏{‏فِى جُذُوعِ‏}‏ ‏(‏71‏)‏ أَي عَلَى جُذُوعِ‏.‏ ‏{‏خَطْبُكَ‏}‏ ‏(‏95‏)‏ بَالُكَ‏.‏ ‏{‏مِسَاسَ‏}‏ ‏(‏97‏)‏ مَصْدَرُ ماسَّهُ مِسَاساً‏.‏ ‏{‏لَنَنسِفَنَّهُ‏}‏ ‏(‏97‏)‏ لَنَذْرِيَنَّهُ‏.‏ ‏{‏قاعاً‏}‏ ‏(‏106‏)‏ يَعْلُوهُ المَاءُ، وَالصَّفصَفُ المسْتَوِي مِنَ الأَرْضِ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى‏}‏ ‏(‏41‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَأَوْحَينَا إِلَى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً في البَحْرِ يَبَساً لاَ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشى‏}‏فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ اليَمِّ ما غَشِيَهُمْ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىوَأَوْحَينَا إِلَى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً في البَحْرِ يَبَساً لاَ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشى ‏,‏فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ اليَمِّ ما غَشِيَهُمْ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ‏(‏77- 79‏)‏

باب‏:‏ قوله‏:‏ ‏{‏فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى‏}‏ ‏(‏117‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابنُ جُبَير‏:‏ بالنَّبَطِيَّة- أي بالحبشية- ‏{‏طه‏}‏ يا رَجُلُ‏)‏ وهذه قراءةٌ أيضاً‏.‏ وقيل‏:‏ معناه ضَعْ الرِّجْل على الرِّجْل، كما في التفسير لابن كثير‏.‏ وفي مقدمة «الدُّرّ المختار»‏:‏ أنَّ الإِمام أبا حنيفة صلَّى مرةً في الحرم، واضِعاً إحدى رِجْليه على الأُخْرى، نصف القرآن على هذه، ونصفاً آخَر على هذه، فقيل عليه‏:‏ إنه خلافُ السُّنَّة‏.‏ قلتُ‏:‏ ولعلَّ القائلَ لم يطَّلع على هذا المعنى، وإلاَّ لما تكلَّم بِمِثْله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏قاعاً‏}‏ يَعْلُوهُ الماءُ‏)‏ أي الصافيةُ من الأرض، يَعْلُوها الماءُ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏مَكاناً سِوىً‏}‏ مُنْصَفٌ بَيْنَهم‏)‏ أي يَقْطع نِصْفَه هو، ويقطع نَصْفَه هذا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏عَلَى قَدَرٍ‏}‏ مَوْعِد‏)‏ أي فهو في معنى مَوْعِد‏.‏

4736- قوله‏:‏ ‏(‏التقى آدَمُ وَمُوسى‏)‏ وإنما أتاحت القدرةُ تلك المحاورةَ بين موسى، وآدمَ عليهما السلام، لِيعلم أن آدم عليه الصلاة والسلام كان عنده جوابٌ شافٍ عن أَكْل الشجرة، إلا أنه لم يُواجِه به رَبَّه تَعَبُّداً، فلما دار هذا السؤالُ بينه وبين ابنه موسى عليه الصلاة والسلام أفحمه، واحتجَّ عليه، ومِن هذا جُعِل خليفةَ الله، وهو جهةُ الفَضْل فيه عندي، يعني العبدية، وفَهِم عامَّتُهُم أنها العِلْم‏.‏

قلتُ‏:‏ وهي أيضاً فَرْع العبدية، فهي أَرْفَعُ المقامات، وأحَبُّها عند رَبِّك، ولكن الشيطان لما قال له رَبُّه‏:‏ ‏{‏مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ‏}‏ ‏(‏ص‏:‏ 75‏)‏ وجعل يُجاري معه، فَلُعِن إلى الأَبد‏.‏ ثُم إنَّه لم يكن مِن أبنائه مَنْ يَجْتَرِىءُ أنْ يسأل أباه عن أَكْل الشجرةِ غيرَ موسى عليه السلام، فإِنَّه كان في طَبْعِه شِدَّة، فَنُصِب للمناظَرة لذلك، وهذا ليس إساءةً للأَدب، ولكنه من اختلافِ الطبائع‏.‏ فإن قلت‏:‏ إنَّ آدمَ عليه الصلاة والسلام تَمَسَّك بالتقدير، ولم يُجوِّزه العلماءُ في محل الاعتذار‏.‏ وأجيب بأنَّ الممنوع إنما هو ما كان في دار التكليف، وتلك المناظرةُ وقعت بعد الخروج عنه؛ وتقريره عندي أنَّ التقديرَ لم نَعْلَمه إلاَّ بعد النَّظر إلى الدلائل، وإِخْبار الشَّرْع‏.‏ وأما في العِيان والحُسبان، فليست عندنا إلاَّ سلسلةُ الأسباب، والمُسبَّبات، فالتشبُّثُ بها هو الذي يليقُ بأساس هذا العالم، وليس من النصفة في شيءٍ، أنه إذا عَرَض له شيءٌ من أَمْرِ دنياه، جعل هَمّه في الأسباب، وإذا جاءه أَمْرٌ مِن دِينه تشبث بالتقدير، واحتال به‏.‏

وبالجملة لما لم يكن التقديرُ ظاهِراً لم يكن التَّمسُّكُ به جائزاً، لأنه خَرْقٌ لهذا العالم المشهود، الذي بُني أَمْرُه على سلسلة الأسباب، وفِرَاراً إلى عالم التقدير، وأَنَّى هم في هذه النشأة‏؟‏ وبعبارة أخرى‏:‏ لا نُنْكِرُ كَوْنَ المؤثِّر بالذات هو التقدير، ولا نقول‏:‏ إنَّ الأسبابَ هي المُؤثِّرة حقيقةً، بل نقول‏:‏ إنَّ تأثيرَها في المُسبَّبات أيضاً مُقَدَّر، لكنَّ التقديرَ لما حُجِب عنا، لم يَبْق في السطح إلاَّ الأَسبابُ وتأثيرُها وخَفِي التقديرُ وتأثيرُه، فآل الأَمْر إلى مباشرةِ الأَسْباب، وبها ارتبطت المُسبَّبات، فَنَقَض تلك السلسلةَ الظاهِرَةَ‏.‏ والأَخْذ بالسِّلْسلة الباطِنة، مع كونِه في عالمِ الأَسْباب ليس إلاَّ جَدَلٌ، ألا ترى أَنه لا لُزومَ عَقْلاً عندهم إلا في لوازم الماهية، وتلك انتزاعيةٌ، أما لوازِمُ الوجودِ، فلم يَقُم دليلٌ على عدم إمكان انْفِكاكها بعد، فآل أَمْرُها أيضاً إلى التقدير‏.‏ فإِذا باشَرْت الأسبابَ في الأمور كُلِّها، لِفُقدان التلازم بينها وبين مُسبَّباتِها، فما منعك أَنْ تُباشِرَها لِعُقْباك، إذ باشرتها لأُولاك‏؟‏‏.‏

نعم إذا خَرَجت من عالَم الأسبابِ إلى عالَم يَظْهَر فيه التقديرُ، وتتعطل الأسبابُ، فَلَك أَنْ تَتمَسَّك به، كما فَعَل آدمُ عليه السلام‏.‏

هذا تقرير ما قالوا، وأجودُ الأجوبةِ ما ذكره الحافظ ابنُ تَيْميةَ أنَّ التمسُّك بالتقدير على نحوين‏:‏ الأول‏:‏ للاجتِرَاء على المعاصي، ودَفْع المَعَرَّة عن نَفْسه، ولا رَيْبَ أنه قبيحٌ جِداً، كيف وأنه اقترفَ الذُّنوبَ، ثُم لم يستحي مِن رَبِّه عز وجل، وذلك لا يجوزُ قَطْعاً، والثاني‏:‏ ما يكون لتسليةِ النَّفْسِ، والاعتذار عما صَدَر منه، فهذا مُسْتَحْسن، فَمَن أسرف على نَفْسه، وفرط منه ما فَرَطَ، فاضطرَبت نَفْسه، فجعل يُسلِّي هُمُومَه، ويسر أحزانه من تذكر التقدير، فهذا تَمسُّكٌ منه، لِتَسْلية النَّفْس لا للتشجع على المعاصي، وقِلَّة المبالاة بها، ومِن هذا النَّحْو كان تَمسُّك آدَم عليه الصلاة والسلام‏.‏

سُورَةُ الأَنْبِيَاءِ

وَقالَ قَتَادَةُ‏:‏ ‏{‏جُذَاذاً‏}‏ ‏(‏58‏)‏ قَطَّعَهُنَّ‏.‏ وَقالَ الحَسَنُ‏:‏ ‏{‏فِى فَلَكٍ‏}‏ ‏(‏33‏)‏ مِثْلِ فَلكَةِ المِغْزَلِ، ‏{‏يُسَبّحُونَ‏}‏ ‏(‏33‏)‏ يَدُورُونَ‏.‏

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏نَفَشَتْ‏}‏ ‏(‏78‏)‏ رَعَتْ ليلاً‏.‏ ‏{‏يُصْحَبُونَ‏}‏ ‏(‏43‏)‏ يُمْنَعونَ‏.‏ ‏{‏أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً‏}‏ ‏(‏92‏)‏ قالَ‏:‏ دِينُكُمْ دِينٌ وَاحِدٌ‏.‏ وَقالَ عِكْرِمَةُ‏:‏ ‏{‏حَصَبُ‏}‏ ‏(‏98‏)‏ حَطَبُ بِالحَبَشِيَّةِ‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏أَحَسُّواْ‏}‏ ‏(‏12‏)‏ تَوَقَّعُوهُ، مِنْ أَحْسَسْتُ‏.‏ ‏{‏خَمِدِينَ‏}‏ ‏(‏15‏)‏ هَامِدِينَ‏.‏ ‏{‏وَحَصِيدٌ‏}‏ ‏(‏هود‏:‏ 100‏)‏ مُسْتَأْصَلٌ، يَقَعُ عَلَى الوَاحِدِ وَالاِثْنَينِ وَالجَمِيعِ‏.‏ ‏{‏وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ‏}‏ ‏(‏19‏)‏ لاَ يَعْيُونَ، وَمِنْهُ‏:‏ ‏{‏حَسِيرٌ‏}‏ ‏(‏الملك‏:‏ 4‏)‏ وَحَسَرْتُ بَعِيرِي‏.‏ ‏{‏عَميِقٍ‏}‏ ‏(‏الحج‏:‏ 27‏)‏ بَعِيدٍ‏.‏ ‏{‏نُكِسُواْ‏}‏ ‏(‏65‏)‏ رُدُّوا‏.‏ ‏{‏صَنْعَةَ لَبُوسٍ‏}‏ ‏(‏80‏)‏ الدُّرُوعُ‏.‏ ‏{‏وَتَقَطَّعُواْ أَمْرَهُمْ‏}‏ ‏(‏93‏)‏ اخْتَلَفُوا‏.‏ الحَسِيسُ وَالحِسُّ وَالجَرْسُ وَالهَمْسُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مِنَ الصَّوْتِ الخفِيِّ‏.‏ ‏{‏ءاذَنَّاكَ‏}‏ ‏(‏فصلت‏:‏ 47‏)‏ أَعْلَمْنَاكَ‏.‏ ‏{‏ءاذَنتُكُمْ‏}‏ ‏(‏109‏)‏ إِذَا أَعْلَمْتَهُ، فَأَنْتَ وَهوَ ‏{‏عَلَى سَوَآء‏}‏ ‏(‏109‏)‏‏:‏ لَمْ تَغْدِرْ‏.‏ وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ‏}‏ ‏(‏13‏)‏ تُفهَمُونَ‏.‏ ‏{‏ارْتَضَى‏}‏ ‏(‏28‏)‏ رَضِيَ، ‏{‏التَّمَثِيلُ‏}‏ ‏(‏52‏)‏ الأَصْنَامُ‏.‏ ‏{‏السّجِلّ‏}‏ ‏(‏104‏)‏ الصَّحِيفة‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ‏}‏ ‏(‏104‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏فَلْكَةِ‏)‏ وترجمته‏:‏ تكلى كاد مكرا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ‏}‏‏)‏ واعلم أنَّ ظاهِرَ القرآنِ أنَّ النجومَ تَتَحرَّك بِنَفْسِهما، بدون تَوسُّط الفلك، وذلك الذي ثبت اليوم عندهم؛ وحينئذٍ أفلاكها بمعنى دوائرها، ثُم السمواتُ أجسامٌ، لا كما تُقَلْقِل به أهلُ الفلسفة الجديدة، أنها مُنْتَهى النَّظر فقط‏.‏ ثُمّ السَّموات كلّها فوق النجومِ، وإنما النجومُ سابحةٌ في الجوِّ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏ءاذَنتُكُمْ‏}‏ إذا أَعْلَمْتَه، فأنت وهو ‏{‏عَلَى سَوَآء‏}‏ فلم تَغْدِر‏)‏ يعني‏:‏ جب تونى ابنى مخاطب كو صلى الله عليه وسلّم رى اطلاع ديدى توتونى غدرته كيا‏.‏

4740- قوله‏:‏ ‏(‏فَيُوخَذُ بهم ذاتَ الشِّمالِ‏)‏ وقد مرَّ معنا أنَّ الحوض عندي بعد الصراط‏.‏ فالنبيُّ صلى الله عليه وسلّم يرى من وراء الصِّراط طائفةً تُطْردُ عن حَوْضه، بأن لا تُتْرك أن تُجاوِز الصِّراط، فتخلص إليه، فيقولُ‏:‏ أُصَيْحابي، فيقال له‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، ولا بُعْد في النَّظَر إليهم مِن بُعْد بعيد، فإِنَّه من أُمور الآخِرة، وكم مِن عجائب فيها مِثْله، ولك أن تُجِيب عنه على مُخْتار الشاه عبد العزيز‏:‏ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لا يَزَال يختلِفُ بين هذه المواضعِ إلى أن تُحاسب أُمّتُه جميعاً، فصحَّ كَوْنُه في المَحْشر، وكَوْنُه على الحَوْض معاً، وقد مَرَّ تَفْصِيله‏.‏

سُورَةُ الحَجِّ

وَقالَ ابْنُ عُيَينَةَ‏:‏ ‏{‏الْمُخْبِتِينَ‏}‏ ‏(‏34‏)‏ المُطْمَئِنِّينَ‏.‏ وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ في‏:‏ ‏{‏إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَنُ فِى أُمْنِيَّتِهِ‏}‏ ‏(‏52‏)‏ إِذَا حَدَّثَ أَلقَى الشَّيطَانُ في حَدِيثِهِ، فَيُبْطِلُ اللَّهُ ما يُلقِي الشَّيطَانُ وَيُحْكِمُ آيَاتِهِ، وَيُقَالُ‏:‏ أُمْنِيَّتُهُ‏:‏ قِرَاءَتُهُ، ‏{‏إِلاَّ أَمَانِىَّ‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 78‏)‏ يَقْرَأُونَ وَلاَ يَكْتُبُونَ‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏مَشِيدٍ‏}‏ ‏(‏45‏)‏ بِالقَصَّةِ‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏يَسْطُونَ‏}‏ ‏(‏72‏)‏ يَفرُطُونَ، مِنَ السَّطْوَةِ، وَيُقَالُ‏:‏ ‏{‏يَسْطُونَ‏}‏ يَبْطُشُونَ‏.‏ ‏{‏وَهُدُواْ إِلَى الطَّيّبِ مِنَ الْقَوْلِ‏}‏ ‏(‏24‏)‏ أُلهِمُوا‏.‏ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏بِسَبَبٍ‏}‏ ‏(‏15‏)‏ بِحَبْلٍ إِلَى سَقْفِ البَيتِ‏.‏ ‏{‏تَذْهَلُ‏}‏ ‏(‏2‏)‏ تُشْغَلُ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَتَرَى النَّاسَ سُكَرَى‏}‏ ‏(‏2‏)‏

قالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ‏:‏ ‏{‏وَتَرَى النَّاسَ سُكَرَى وَمَا هُم بِسُكَرَى‏}‏ ‏(‏2‏)‏‏.‏

وَقالَ‏:‏ «مِنْ كُلِّ أَلفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ‏.‏ وَقالَ جَرِيرٌ وَعِيسىبْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ‏:‏ ‏{‏سَكْرَى وَما هُمْ بِسَكْرَى‏}‏‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةَ‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏ذلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ‏}‏ ‏(‏11- 12‏)‏

‏{‏وَأَتْرَفْنَهُمْ‏}‏ ‏(‏المؤمنون‏:‏ 33‏)‏ وَسَّعْنَاهُمْ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِى رَبّهِمْ‏}‏ ‏(‏19‏)‏

رَوَاهُ سُفيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ‏.‏ وَقالَ عُثْمانُ‏:‏ عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ‏:‏ قَوْلهُ‏.‏

سُورَةُ المُؤْمِنِينَ

قالَ ابْنُ عُيَينَةَ‏:‏ ‏{‏سَبْعَ طَرَآئِقَ‏}‏ ‏(‏17‏)‏ سَبْعَ سَماوَاتٍ، ‏{‏لَهَا سَبِقُونَ‏}‏ ‏(‏61‏)‏ سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ‏.‏ ‏{‏وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ‏}‏ ‏(‏60‏)‏ خائِفِينَ‏.‏ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ‏}‏ ‏(‏36‏)‏ بَعِيدٌ بَعِيدٌ‏.‏ ‏{‏فَاسْأَلِ الْعَآدّينَ‏}‏ ‏(‏113‏)‏ المَلاَئِكَةَ‏.‏ ‏{‏لَنَكِبُونَ‏}‏ ‏(‏74‏)‏ لَعَادِلُونَ‏.‏ ‏{‏كَلِحُونَ‏}‏ ‏(‏104‏)‏ عابِسُونَ‏.‏ ‏{‏مِن سُلَلَةٍ‏}‏ ‏(‏12‏)‏ الوَلَدُ، وَالنُّطْفَةُ السُّلاَلَةُ‏.‏ وَالجِنَّةُ وَالجُنُونُ وَاحِدٌ‏.‏ وَالغُثَاءُ الزَّبَدُ، وَما ارْتَفَعَ عَنِ المَاءِ، وَمَا لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ‏.‏ ‏{‏يَجْئَرُونَ‏}‏ ‏(‏64‏)‏ يَرْفَعُونَ أصْوَاتَهُمْ كما تَجْأَرُ البَقَرَةُ‏.‏ ‏{‏عَلَى أَعْقَبِكُمْ‏}‏ ‏(‏66‏)‏ رَجَعَ على عَقِبَيهِ ‏{‏سَامِراً‏}‏ ‏(‏67‏)‏ مِنَ السَّمَرِ، وَالجَمِيعُ السُّمَّارُ، وَالسَّامِرُ هَا هُنَا في مَوْضِعِ الجَمْعِ‏.‏ ‏{‏تُسْحَرُونَ‏}‏ ‏(‏89‏)‏ تَعْمَوْنَ، مِنَ السِّحْرِ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباسٍ ‏{‏فِى أُمْنِيَّتِهِ‏}‏‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وترجمته عندي هكذا‏:‏ كوئى نبى نهين هى كه جسى اميدنه باندهى هو ابنى امت كى متعلق كه او نكو هدايت هوكى توشيطان نى اون لو كونكى قلوب مين زيغ بيدا كركى او نكى آرزو كو صلى الله عليه وسلّم ارنه هونى دياهو اور اوسمين كهندت نه دالدى هو‏.‏

واعلم أنَّ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ‏}‏وَلاَ نَبِىّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَنُ فِى أُمْنِيَّتِهِ‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، أَشْكَل على المُفَسِّرِين، فاختلفوا فيه على آراء، حتى إنَّ بَعْضَهم فَقَل قِصَّة الغرانيق تحت هذه الآية، وقد تَكَلَّمنا على تلك القِصَّة مَبْسوطاً في أبواب سجودِ القرآن، أما وَجْه الآيةِ، فأَقُول‏:‏ إنَّ تمني الأنبياءِ عليهم السلام عبارةٌ عما تتحدَّثُ به أنْفُسهم في حَقِّ إيمانِ أُممهم، أنهم لو آمنوا كلّهم، وإلقاءَ الشيطان فيها عبارةٌ عن إغوائه إياهم، وصَدِّهم عن سبيلِ الإِيمان، فلا يؤمنون حسب أُمْنِيتهم، وهذه محاوَرةٌ بليغَةٌ، يقال‏:‏ فلان أَلقى في أُمنيتي، أي حال بيني وبينها، ثم اللَّهُ يَفْعل فيهم ما هو فاعل، فيؤمِنُ مَنْ قُدِّر لهم الإِيمانُ، ولا ينجحُ فيهم اللَّعِين‏.‏ وأما مَن قُدِّرت له الشقاوةُ فيتبعونه فيكفرون، وهو معنى قوله‏:‏ ‏{‏فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِى الشَّيْطَنُ‏}‏ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ ءايَتِهِ ‏(‏الحج‏:‏ 52‏)‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بِسَبَب‏)‏ والسَّبَبُ هو الحَبْلُ المتدلِّي، ومنه استُعْمِل للمعنى المعروف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تَذْهَلُ‏)‏ فَيَذْهَلْ الخليلُ عن خَلِيله عِنْد نَفْخ الصُّور، ولا يلتفِت أَحَدُ إلى أَحَدٍ‏.‏

4741- قوله‏:‏ ‏(‏فَيُنَادَى بصَوْتٍ‏)‏ ثَبَت منه الصَّوْتُ‏.‏

4741- قوله‏:‏ ‏(‏وما بَعْثُ النارِ‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏مِن‏)‏ كُلِّ أَلْفٍ- أراه قال- تسع مئة، وتسعة وتسعين‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ واعلم أنَّ الرواياتِ مختلِفَةٌ في بيان نِسْبة المُسْلمين، وبَعْث النار‏.‏ ففي رواية، كما عند البخاري، وفي أُخرى نسبة المئة من تسعةٍ وتسعين، والتوفيقُ بينهما أن النِّسبة في تلك الروايةِ هي ما بين الكفّار والمسلمين‏.‏ وأما ما عند البخاري، فهي بعد ضَمّ يأجوج ومأجوج معهم، ويَشْهد له ما عند الترمذي في التفسير‏:‏ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم ذكر لهم الحديثَ على نحو ما عند البخاري، ثُم قال‏:‏ «إنَّكم لمع خليقتين، ما كانتا مع شيءٍ إلاَّ كثرتاه‏:‏ يأجوج ومأجوج، ومَنْ مات من بني آدم، وبني إبليس» اه‏.‏ فدلَّ على أنَّ النِّسبة المذكورةَ بعد انضمام قومٍ يأجوج ومأجوج مع الكفّار‏.‏

4741- قوله‏:‏ ‏(‏فحينئذٍ تَضَعُ الحامِل حَمْلَها‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ فإِن قلت‏:‏ وحينئذٍ تلك الأهوالُ والأحوال تكون في المَحْشر مع أنه ليست هناك حاملة، ولا مُرْضِعة؛ قلتُ‏:‏ لا ريبَ أنَّ صَدْر الآية في الأهوال عند النفخ، لكن القيامةَ في عُرْف الشَّرْع تطلق من نَفْخ الصُّور إلى دُخول الجنةِ، فكانت صدر الآية في المبادىء، وإنَّما قُرئت في القيامة جَرْياً على هذا العُرْف، فلا يلزم وجودُها في المحشر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنِّي لأَرجو أن تكونوا رُبُعَ أهلِ الجَنَّة‏.‏ فكبَّرنا، ثُم قال‏:‏ ثُلُثَ أَهْل الجنَّة‏.‏ فكبَّرنا، ثُم قال‏:‏ شَطْرَ أهْل الجنَّة، فكبرنا‏)‏ قلتُ‏:‏ وهذا نظيرُ قِصَّة المعراج في تخفيف الصلاة، فإِنه لا نَسْخ فِيها أصلاً، ولكنه إلقاءٌ للمرادِ على المخاطَب نَجْماً نَجْماً، كما فعل النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ههنا‏.‏ وذلك كما ترى أَوْقَعُ عند النَّفْس، وأَطْيبُ لها من إلقائه دُفْعةً واحدة، وقد بسطناه من قبل‏.‏

4742- قوله‏:‏ ‏(‏فإِن وَلَدتِ امرأتُهُ غُلاماً، ونُتِجَتْ خَيْله، قال‏:‏ هذا دِينٌ صالِح‏)‏ أي كان مَبْلَغُ عِلْمهم، وقُصارى أمانيهم هي الدنيا فقط‏.‏

4743- قوله‏:‏ ‏(‏نَزَلَتْ في‏:‏ حَمْزَة وصاحِبَيْه، وعُتْبةَ وصاحِبَيه‏)‏ يعني حَمزة وصاحبيه من جانب المسلمين، وعُتْبة وصاحبيه من جهة الكفار‏.‏

4743- قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏اخْتَصَمُواْ فِى رَبّهِمْ‏}‏‏)‏ يعني‏:‏ خدا تمهارا هى يا همارا أي إنَّ الله سبحانه مولاكم، أو مَوْلًى للمُسْلِمين‏.‏

سُورَةُ النُّورِ

‏{‏مِنْ خِلاَلِهِ‏}‏ ‏(‏43‏)‏ مِنْ بَينِ أَضْعَافِ السَّحَابِ، ‏{‏سَنَا بَرْقِهِ‏}‏ ‏(‏43‏)‏ الضِّيَاءُ‏.‏ ‏{‏مُذْعِنِينَ‏}‏ ‏(‏49‏)‏ يُقَالُ لِلمُسْتَخْذِي مُذْعِنٌ‏.‏ ‏{‏أَشْتَاتاً‏}‏ ‏(‏61‏)‏ وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ‏.‏ وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏سُورَةٌ أَنزَلْنَهَا‏}‏ ‏(‏1‏)‏ بَيَّنَّاهَا‏.‏ وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ سُمِّيَ القُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ، وَسُمِّيَتِ السُّورَةُ لأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنَ الأُخْرَى، فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ سُمِّيَ قُرْآناً‏.‏ وَقالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمالِيُّ‏:‏ المِشْكاةُ‏:‏ الكُوَّةُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ‏.‏

وَقَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءانَهُ‏}‏ ‏(‏القيامة‏:‏ 17‏)‏ تَأْلِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ‏.‏ ‏{‏فَإِذَا قَرَأْنَهُ فَاتَّبِعْ قُرْءانَهُ‏}‏ ‏(‏القيامة‏:‏ 18‏)‏‏:‏ فَإِذَا جَمَعْنَاهُ وَأَلَّفنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، أَي ما جُمِعَ فِيهِ، فَاعْمَل بِمَا أَمَرَكَ وَانْتَهِ عَمَّا نَهَاكَ اللَّهُ‏.‏ وَيُقَالُ‏:‏ لَيسَ لِشِعْرِهِ قُرْآنٌ، أَي تَأْلِيفٌ‏.‏

وَسُمِّيَ الفُرْقانَ، لأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ‏.‏ وَيُقَالُ لِلمَرْأَةِ‏:‏ ما قَرَأَتْ بِسَلاً قَطُّ، أَي لَمْ تَجْمَعْ في بَطْنِهَا وَلَداً‏.‏ وَقالَ‏:‏ ‏{‏وَفَرَضْنَهَا‏}‏ ‏(‏1‏)‏ أَنْزَلنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً، وَمَنْ قَرَأَ‏:‏ ‏{‏وَفَرَضْنَهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَرَضْنَا عَلَيكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ‏.‏

قالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏أَوِ الطّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ‏}‏ ‏(‏31‏)‏ لَمْ يَدْرُوا، لِمَا بِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ‏.‏ وَقَالَ الشَّعْبيُّ‏:‏ أُولِي الإِرْبةِ مَنْ لَيْسَ لَهْ إِرْبٌ، وَقالَ مُجاهِدٌ‏:‏ لا يُهِمُّهُ إِلا بَطْنُهُ وَلا يُخافُ عَلَى النِّساءِ، وَقَالَ طَاوُسٌ‏:‏ هُوَ الأَحْمَقُ الَّذي لا حاجَةَ لَهُ فِي النِّساءِ‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَدَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّدِقِينَ‏}‏ ‏(‏6‏)‏

واعلم أنَّ في اللِّعان مباحِثَ‏:‏ الأول‏:‏ في شأنِ نُزُوله، ويُرْوى في ذلك قِصَّتان‏:‏ قِصَّة هلال بن أُمَية، وقُذْفه زَوْجَته؛ والثانية‏:‏ قِصَّة عُويْمر العَجْلاني‏.‏ قال الشارحون‏:‏ إنهما متقارِبتان، ونزلت الآيةُ بعدهما‏.‏

البحث الثاني‏:‏ في ماهيةِ اللعان‏:‏ فهي شهاداتٌ، مُؤكَّداتٌ بالأَيمان، وذِكْر الشهادة في النصِّ يؤيِّدُنا، وعند الشافعية هي أَيْمانٌ مؤكَّدات بالشهادات‏.‏ فيشترطُ عندنا في المتلاعنين أهليةُ الشهادة، ولا يُشترط عندهم، لكونه عبارةً عن الأَيْمان، ولا يُشْترط فيه أهليةُ الشهادة عند أَحَد‏.‏

والثالث‏:‏ في حِكْمة إقامة بابٍ جديد، مع أنه ليس إلاَّ قَذْفاً، فينبغي أن يُغْني عنه بابُ حدّ القذف‏.‏

‏(‏الحكمة من اللِّعان‏)‏

فاعلم أنَّ الحاجةَ إنما دعت إليه، لأنَّ للمرءِ غَيْرةً على زوجته ليست على غيرها، وذلك أَمْرٌ فِطْري لا يُلام عليه، فإِنْ وَجَد رَجُلاً مع أجنبيةٍ يَخْبُث بها، يُسوّغ له أَنْ يصبر، أو يأتي بأربعة شهداء، بخلاف زوجته، فإِنَّ الغيور لا يستطيعُ الصَّبرَ عليه، وطلبُ الشُّهداء أشدُّ عليه في مِثْل هذا الحين‏.‏ فهل عليه أن يبلغه إلى القاضي، أم كيف يفعل‏؟‏ فإِنه إنْ يتكلَّم يتكلَّم بأَمْرٍ عظيم، لا تتركونه إلاَّ بالحدِّ، وإنْ يسكت يسكت على أَمْر عظيم، والموتُ ألذُّ دونه، فإِنْ قتله فتقتلونه، فَأَخْرج له الشَّرْع سَبيلاً ومَخْرجاً، فأقام له باباً وهو اللِّعان‏.‏ وحُكْمه التفريقُ بعده، وذلك لأنَّ الأَمْر إذا لم يَنْكَشف، لِيُحدَّ الزَّوْج حَدَّ القَذْف، أو المرأةُ حدَّ الزِّنا، ليس إلى الاجتماع والتلفيق بعد هذا الادِّعاء من سبيل، فتعيَّن التفريقُ، وشُرِع اللِّعان‏.‏

والرابع‏:‏ أن التفريقَ يكون من نَفْس اللعان‏.‏ أو يحتاج إلى القاضي‏؟‏ فاعلم أنَّ اللِّعان لا يحتاجُ إلى تفريق القاضي عند الشافعيِّ، وعندنا لا بدَّ منه وكأنَّ ذلك بديهي فإِن الشَّرْع لِمَ دَعَى المتلاعِنَين إلى مَجْلس القضاء، لو لم يكن لقضائه مَدْخلٌ فيه فإِن دعوتهما إلى مَجْلِسه إذن لَغْوٌ والخلافُ فيه على عَكْس ما في الإِيلاء، فإِن الفُرْقة فيه تَجِب عندنا بمجرد مُضي المُدَّة، وعند الشافعيِّ بتفريق القاضي، أي فَيُجْبِره بعده إمَّا على الرجوع، أو على الطلاق‏.‏ قلنا‏:‏ إنَّ القرآن ضَرَب في الإِيلاء مدةً مِن قِبله، فإِذا مضت حَلَّت الفُرْقة بنفس الإِيلاء‏.‏ فإِنَّ المدَّة تمضي وهي قاعِدةٌ في بيتها، فلا حاجة فيه إلى مَجْلس القضاء، فلم يظهر فيه لقضائه دَخلٌ، بخلاف اللعان‏.‏ أما كون الإِيلاءِ تفريقاً، مع أنه لا لَفْظ فيه يُبنىء عن التفريقِ، فأجاب عنه صاحبُ «الهداية» أنَّ الإِيلأَ كان طلاقاً في الجاهلية، فقرَّره الشَّرْع على ما كان في حقِّ التفريق‏.‏

والحاصل أنَّ اللِّعان لما كان في المَحْكَمة، جاءت الفُرْقة فيها أيضاً من قبل القاضي، بخلاف الإيلاء، فإِنه يقومُ مقامَ الطلاقِ بنفسه، ويتم في بيته، فاسْتَغْنى عن تَفْريقه‏.‏

قلتُ‏:‏ ولما جَعَل القرآنُ اللِّعان عبارةً عن الشهادات، عُلم أن فيه مدخلاً للقضاء، فإِنَّ الشهاداتِ لا تُسمع إلاَّ بمجلسه‏.‏ ومن ههنا عُلِم أنَّ التفريقَ في اللِّعان من باب القضاء، فلا يتولى به غيرُه، بخلاف الإِيلاء، فإِنه من الدِّياناتِ، فيجري حُكْمه في كلِّ زمان‏.‏ قلتُ‏:‏ ولو اجتمع المسلمونَ اليوم أيضاً، وفَرَّقوا بين المتلاعِنَين، كما يُفرِّق القاضي، وَسِع لهم، حيث يقومون مَقامه، كما في سائر المعاملات‏.‏

والخامس‏:‏ أَنَّه هل يجوزُ للزوج أن يَقْتل الزاني حين يراه يَزْني بامرأته، فقد مرّ معنا أنه يَحِلُّ له ديانةً‏.‏ ثُم إنْ بلغ أَمْرُه إلى القاضي يَقْتله قِصاصاً إنْ عَجِز عن إقامةِ البيِّنة على الزِّنا‏.‏

والسادس‏:‏ مسألةُ المَشْرِقية والمَغْربي‏.‏ واعلم أنه قد ذكرنا مِن قبل أن الولدَ عندنا يتبع الفراشَ، وهو عندنا عبارةٌ عن النِّكاح دون الوقاع‏.‏ فإِذا تزوَّج مغربيٌّ مشرقيةً، وأتت بالولدِ في ستةِ أَشْهر، يثبت نَسَبُه منه، وقد جعلَها الناسُ أُضحوكةً، وقالوا‏:‏ كيف يَثْبت النَّسَبُ مع امتناع الوطء في الصورة المذكورة فاشترط له الشافعيةُ إمكانَ الوقاع أيضاً، وعَجِز ابنُ الهُمام عن جوابه‏.‏

قلتُ‏:‏ أما اشتراطُ إمكان الوقاع فلا عبرةَ به عندنا، كيف وليس على القاضي أن يَطَّلع على سرائر الناس‏.‏ أما النِّكاح فهو أَمْرٌ يكون على رءُوس الخلائق، يَعْلَمُه كلُّ أَحَد، بخلافِ الوطء، وفي مِثْله يُدار الحُكْم على الأسباب الظاهرة‏.‏ أَمَّا استبعادُهم ثبوتَ النَّسَب، فيبنى على تَناسي باب اللِّعان، كما قيل‏:‏

حَفِظْت شيئاً وغابت عنك أَشْياء‏.‏

فإِنَّه يَجِب على الزَّوْج شَرْعاً أن يلاعِنَ امرأتَه إنْ عَلِم أنَّ ولدَها ليس منه، فإِذا أقام له الشَّرْع باباً، وأهدره هو وتَرك اللِّعان الواحبَ عليه، فما للقاضي أن ينفي ولدَها عنه، أليس مَنْ رضي بالضَّرر أَوْلى أن يقطع عنه النَّظَر، وقد ذكرناه مِن قبل‏.‏

4745- قوله‏:‏ ‏(‏فَكرِهَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم المسائِل‏)‏ وإنما كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَكْره إشاعةَ هذا النَّحْو من المسائل، لِبَشَاعتها وشناعتها‏.‏

4745- قوله‏:‏ ‏(‏فَطَلَّقَها‏)‏ وظاهرُه أَنَّه طَلَّقها الآن، وفي طريق آخَر أنه كان طَلَّقها ثلاثاً، قَبْل أن يسأله صلى الله عليه وسلّم كَيْفَما كان التطليقُ ثلاثاً بلفظٍ واحدٍ بدعةٌ عندنا، وعند أحمد وإنْ وَقَعْن، وليست ببدعةٍ كَيْفَما عند الإِمام البخاريِّ، والشافعيِّ، وحينئذٍ يَرِدُ علينا تقريرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عليه، فأجاب عنه السَّرْخسي أنَّ التفريقَ في الصورة المَذْكُورة لما تَعَيَّن حُكْماً لِلِّعان، صار تطليقُه كالعدم، فإِنه لو لم يطلِّقها لَفَرَّق النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بينهما، فكان ذلك أمراً كائناً لا محالةَ، طَلَّقها أو لم يُطلِّقها‏.‏ لا سيما عند الشافعيةِ، فإِنَّ اللِّعان عندهم بِنَفْسه موجِبٌ للتفريق، وتقريرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في مِثْله، لا يوجِب كَوْنه مَشْرُوعاً، فإِنا قد عَلِمنا من الخارج كَوْنَها بِدْعةً عند النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وإذا كان تَطْلِيقُه ههنا، كالعدم، لم يكن تقريرُه عليه تشريعاً، فكأنه لم يلتفت إليه، ولم يُلق به بالاً، لكونه مما لا يعبأ به‏.‏

وقد تَفَرَّد الحافظُ ابنُ تيميةَ وتلميذُه ابنُ القيم وذهبا إلى أنها واحِدةٌ، بل يُتوهّم من بعض المواضع أنها لا تقع أَصْلاً، وقد عَرَض إليه ابنُ الهُمَام في «الفتح»‏.‏ أما إنَّ السُّنَّة فيه التفريقُ دون الجمع، فلنا فيه صريحُ النصِّ، قال تعالى‏:‏ ‏{‏الطَّلَقُ مَرَّتَانِ‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 229‏)‏ أي مرةً بعد مرةٍ، وهذا هو حَقُّه، وليس معناه اثنتين، كما زَعَم‏.‏

ثُم أَقُولُ‏:‏ إنَّ الطلاقَ البائنَ قد يكون جائزاً، وكذا الطلاق في الحَيْض، وإنْ لم يُحرِّرُوه، وقد استنبطته أنا من عبارةِ محمد في الخُلْع، قال‏:‏ إنَّ الخُلْع جائزٌ عند نُشوزِ الزوج في حال الحَيْض أيضاً‏.‏ ومعلومٌ أنَّ الخُلْع ليس إلاَّ طلاقاً بائناً، فلزم جوازُ البائن عنده عند الضرورة‏.‏ فاستفدت منه أنه إذا جَوَّز الخُلْع عند الضرورة، وهو طلاقٌ بائنٌ، لَزِمه أن يُجوِّز الطَّلاقَ في حال الحَيْض أيضاً لعدم الفارق، وكذا الطلاقات الثلاث أيضاً‏.‏ فإِذن ظهر الجوابُ عَمّا في الحديث بِوَجْهٍ آخَر، ومِن ههنا ظهر الجوابُ عن طلاق إسماعيل عليه السلام امرأتَه طلاقاً بائناً، فإِنه لما علم أن أباه قد أَمَره بِفِرَاقها، وأزمع أنْ لا يرجِع إليها ثانياً، بَتَّ طلاقها، والبائن في مِثْله ينبغي أن يكون جائزاً عندنا أيضاً، كالخُلْع في الحيض عند محمد، وقد ذكرناه من قبل‏.‏

4745- قوله‏:‏ ‏(‏فكانت سُنَّةً‏)‏ أي التفريق بين المتلاعِنَين، دون التَّطْليق‏.‏

4745- قوله‏:‏ ‏(‏وَحَرَةٌ‏)‏ حيوانٌ يُشْبِه الجِرْباء‏.‏

4745- قوله‏:‏ ‏(‏يُنْسَبُ إلى أُمِّه‏)‏ وبُحِث في الفِقْه ما المراد منه، هل قامت الأُمّ مقام الأَب في حَقِّ الإِرث، أو المراد قَطع نِسْبته من الأب فقط‏؟‏‏.‏

4745- قوله‏:‏ ‏(‏فإِنْ جاءت به أُحَيْمِر‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وكانت تلك حلية الزَّاني‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَذِبِينَ‏}‏ ‏(‏7‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَذِبِينَ‏}‏ ‏(‏8‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ الصَّدِقِينَ‏}‏ ‏(‏9‏)‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَل هُوَ خَيرٌ لَكُمْ لِكُل امْرِىءٍ مِنْهُمْ ما اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏(‏11‏)‏

‏{‏أَفَّاك‏}‏ ‏(‏الشعراء‏:‏ 222‏)‏ كَذَّابٌ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏لَّوْلآ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً‏}‏ إِلى قَولِهِ‏:‏ ‏{‏الْكَذِبُونَ‏}‏ ‏(‏12، 13‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِى الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِى مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏(‏14‏)‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏تَلَقَّوْنَهُ‏}‏ ‏(‏15‏)‏ يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ، ‏{‏تُفِيضُونَ‏}‏ ‏(‏يونس‏:‏ 61‏)‏ تَقُولُونَ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ‏}‏ ‏(‏15‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلَوْلآ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَنَكَ هَذَا بُهْتَنٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏(‏16‏)‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً‏}‏ ‏(‏17‏)‏

حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ بِرِيبَةٍ *** وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ

قالَتْ‏:‏ لكِنْ أَنْتَ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَيُبَيّنُ اللَّهُ لَكُمُ الاْيَتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}‏ ‏(‏18‏)‏

ح صَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ بِرِيبَةٍ *** وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحومِ الغَوَافِلِ

قالَتْ‏:‏ لَسْتَ كَذَاكَ‏.‏ قُلتُ‏:‏ تَدَعِينَ مِثْلَ هذا يَدْخُلُ عَلَيكِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ‏:‏ ‏{‏وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ‏}‏ ‏(‏11‏)‏‏؟‏ فَقَالَتْ‏:‏ وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمى‏.‏ وَقالَتْ‏:‏ وَقَدْ كانَ يَرُدُّ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلّم